السبت، 5 نوفمبر 2011

رائحـة عطر المـوت..بين واقع وأسطورة


في ظلمات الليل الحالكة
شبح بارد
خطواتـ تجوب الشوارع
يبحث عن تلكـ الروح الفريدة

في أجواء باريسية ساحرة
نزوة من نوع غريب
صيحات مكتومة .. ابتسامة انجاز
وسرعان ما يبحث عن هدف آخر
ضحكة تسحره .. جمال يجذبه
خلف تلك الإناث سعى
ليصنع عطراً فريداً
وتكون له رائحته الخاصة
فيزهق بيديه تلك الأرواح البريئة
وتسقط الجثث أمامه
ويتفنن في صنع هيامه
في هدوء تام .. وصمت موحش
وبين حقيقة وخيال


ظهر ذلك السفاح
جان باتيست غروني





أطول كلمة يصل مـداها إلى أبعد الحــــــدود ومهما تطول
صداها يدوي بالأرض والسماء ولا أصدق شيء منها لأنها
تنبع من قلب صادق

( أشهد أن لا إله إلا الله )


Topics

=========================
ولادتـــه ونشاتـــه
=========================


في شارع "أوفيير" الفرنسية ..
أحد أقذر الأحياء بباريس .. وبين روائح العرق النتنة و روثـ الجرذان الكريهة ..
وفي حر الصيف اللاذع من عام 1738م ..

أم تعاني آلام المخاض .. مالبثتـ أن أغمي عليها فور ولادة ابنها .. عند استيقاظها .. رمتـ بمولودها تحت أحشاء سمكة كانت تنظفها ..
صرخاتـ طفل تتعالى .. تجمهر كثيف لأهل السوق أمام عربة السمك .. نحو السلال والقاذوراتـ الأعين تتجه .. ونظراتـ تضاربت بين حزن على الرضيع ولوم واتهام للأم ذاتـ القلب المتحجر ..

لا عجب من ذلك ..!
هذهـ هي حال والدته فور كل ولادة .. ولكن هذهـ المرة رفض مولودها الغير شرعي الموتـ بصمتـ كأشقاءهـ الأربعة الذين سبقوهـ ..

فأنقذهـ أهل السوق .. وتم القبض على والدته ومحاكتها بتهمة الزنا .. وحكم عليها بالإعدام شنقاً ..

أرسل الطفل إلى الملجأ .. وأطلقوا عليه اسم
جان باتيست غروني ..

في ليلة يومه الأول .. صراخ أرق مضجع الأطفال من حوله ..
لا توجد طريقة لاسكاته .. وضعوا الوسادة على وجهه فيواجه محاولة القتل الثانية في يومه الأول من حياته ..
لكنه نجا منها أيضاً ..

لم يكن جان كغيرهـ من الأطفال .. فقد قوبل بالرفض من قبل المرضعاتـ والمربيات..

طفل غريب .. بشرته باردة .. لا يحمل من رائحة الأطفال ولو الشيء القليل .. لا أحب هذا الرضيع .. إنه نذير شؤم

كان جان محباً للصمتـ .. هادئ .. ذكي .. مطيع ووحيد .. لا يلعبـ مع الأطفال ..
لقد كان مدركاً منذ الصغر بأنه منبوذ من المجتمع ..
لكنه أيقن أيضاً أن لديه قدرة خارقة لتمييز الروائح .. فعمل على تطويرها متتبعاً الروائح الجيدة دون غيرها ..

ذاتـ يوم .. قررتـ صاحبة الملجأ بيعه إلى صاحبـ مدبغة جلود وهو في الثانية عشر من عمره .. لكنها ماتت في حادثة فور استلامها للنقود
.. وبدأ جان عندها أولى خطواته خارج الملجأ ..



=========================
اجيـــــــــــــــر في مدبغة
=========================

بدأ جان العمل كأجير في المدبغة مقابل قوت يومه
وسكنه في ساحة المدبغـة ..

ذاتـ يوم .. في المدينة وهو يحمل على ظهرهـ الدباغ ليوصله إلى السوق .. رائحـة غير عادية تحركها النسماتـ العليلة نحوهـ ..
ليستـ كالتي اعتادها في المدبغ .. يتتبع الرائحـة ..
فإذا بشابة جميلة تمشي في السوق تحت أشعة الشمس الساطعة .. تحمل سلة فواكه .. أسره عبق شذاها .. فلم يعد يرى سواها .. يمشي ورائها إلى حيث لا يدري .. إنه النعيم يغشاهـ رائحة الخوخ الأخاذ .. بأعين مغمضة ..

تبعها إلى ذلك الزقاق الضيق .. التفتـ الفتاة وراءها لتراهـ أمامها .. صرختـ مرتعبة .. أطبق بيديه على فمها ليمنعها من الصراخ فتتهاوى بين يديه أولى ضحاياهـ جثة هامدة بلا حراكـ ..

كانت جريمته الأولى غير مقصودة ..
فقد كان ينوي إيقافـ صراخها لا انهاء حياتها .. ليستفيق من حلمه الجميل ويعود إلى المدبغة خائب حزين

صفقة دباغ أخرى تضعه في أول طريقه نحو صنع حلمه الأوحد ..
فبعد تلك الحادثة بأيام قليلة .. وأثناء إتمام صفقة لتوصيل الجلود ..

اتضح لجان أنه أمام زبون غير عادي ..

إنه السيد "بالديني" أشهر صانع عطور .. كبر سنه أفقدته لمسته .. إنها فرصته لاستعراض قدراته أمامه .. وعرض عليه صفقته .. فهو قادر أن يتعرفـ على أزكى العطور لصالح بالديني

مقابل أن يعلمه الأخير كيفية صنع العطور وحفظها في قنينة صغيرة فتصبح ملكاً له ..

وافق بالديني .. وهو لا يعلم أنه سيساهم في وضع البذور لنمو مقدرة مهووس العطور ..

فيزداد تعطشاً لصنع رائحة خاصة به تفوق أزكى الروائح
التي عرفتها البشرية ..
 
=========================
صـــــانع عطــــــور
=========================

بدأ جان العمل لدى بالديني .. يبهر النساء بعطورهـ المتميزة ..

كان يسأل معلمه باستمرار عن سر رائحة الموت ..
الذي بدورهـ أجابه بلا تردد بأن الفراعنة هم أكثر من أبدع في مجال العطور

وأن عطورهم كانت تتكون من ثلاثة أقسام
تكونها اثنى عشر رائحة مختلفة ولكنهم كانوا يستخدمون العنصر الثالث عشر وهو الذي يخلق عطراً أصلياً يهيمن على الآخرين .. ولكن يظل السؤال ما هو العنصر الثالث عشر ؟!

لم يملك ديني الجوابـ .. لكنه أشار على جان بالذهابـ إلى مدينة "جراس" فهناكـ سيكتشف السر بالتأكيد ..
إذ أنها المدينة التي ستشهد لعنة خلق عطر الموت


ظل جان يصنع عطراً تلو الآخر
حتى صنع مزيجاً عطرا من التفاح العفن وجسد قطة ميتة وزهر البنفسج وورق النعناع وورق الريحان فاقتـ شهرته جميع العطور ..

وأغدق على معلمه أمولاً طائلة
وذاع صيتـ بالديني في أرجاء باريـــــــس ..

ولكن بقي هناكـ سؤال واحد يجاور جان على الدوام ..
استخلص عطور الجميع ولا أستطيع أن أجد رائحة نفسي ..!

هل هو منبوذ كريه ؟!
أم جسد متهالكـ؟!
يريد أن يثبتـ نفسه .. أن يصنع لشخصه رائحـة يحسدهـ عليها من حوله .. رائحـة خاصة لا مثيل لها ..
ذلك كان حديثـ نفسه الدائم ..
خطط دموية أيقظتـ هوسه النائم ..
صور رسمها له الشيطان في أبهى صورة ..
زينها له برغم دموية الطريقة بأبهى حلة ..
فأبى إلا أن يستخلص من جثة كل فتاة عطرها الخاص ..
ويجمعها في زجاجة .. لتكون عطرهـ وحدهـ ..
يتحف من حوله بروعة شذاهـ ..
ويحقق ذاته .. ويصنع لنفسه وجوداً ..
جسداً وروحاً ..
لا تهم الطريقة ..
طالما تثبتـ وجودهـ ..

بعد أن أعاد جان مجد بالديني الذي أوشكـ على التهاوي بسببـ كبر سنه .. قرر على الفور الاتجاهـ إلى مدينة "جراس" فغادر باريس مساء ذلكـ اليوم سالكاً ذلكـ الطريق المؤدي لرائحة الموت..

قيل أن
منزل بالديني انهار عند مغادرة جان إياه .. فماتـ هو وزوجته تحت الأنقاض ..

=========================
رائحـــــــة المــــــــوت
=========================

رحلة اللاعودة بدأها جان لوحده ..
تحول إلى مهووس متطعش .. لا يفكر سوى بطريقة صنع تلك الرائحـة

سأحصل على اثنى عشر عطراً ..
وسأجد العنصر الذي يحول ذلكـ العطر إلى أسطورة

في طريقه إلى جراس.. عمل في عدة وظائف..

كلما لفتته

رائحـة شابة .. تبعها بهدوء .. وقتلها دون أن تشعر .. بل قبل أن تدركـ أنها ستقتل ..
.وعندما تنقطع أنفاسها يبدأ في تقطير جسدها ..يغطيه بالشمع الساخن ويلفه بقماش رقيق لمدة ساعتين ..
وبعد ذلك يزيل الغطاء وينقع جثة الفتاة في ماء حار مع لفافاتـ أعشابـ طرية وأزهار البنفسج والريحان ..
ليستخرج عطرها الفريد ويضعها في قنينة


حتى وصل العدد إلى إثنتي عشرة فتاة ، لكل واحدة زجاجة خاصة يضع فيها عطرها
ويدفن جثتها في فناء الدار الذي يعمل أجيراً لدى أصحابها ..

بعد ذلك تابع مشواره لمدينة جراس ..

قبيل وصوله .. لمح شابة رائعـة الجمال .. مبتهجة وأكثر رونقاً من باقي الفتيات ..
ملاك ليست كأي ملاك .. تحفة نادرة تحتاج لصقلها .
. إنها بلا شكـ العنصر الثالثـ عشر ..

استمر جان في ملاحقة هذهـ الشابة .. إنها ابنة أشهر تاجر عطور في جراس .. تشبه إلى حد ما فتاة الخوخ التي قتلها دون قصد منه ..

في الليل كانت الشابة على موعد مع الموت .. أمام فراشها يقف جان بهدوء .. يتخيل أمه التي وهبته تلك اللعنة فجعلته منبوذاً كريهاً .. تلك المرأة التي أرادتـ قتله يتخيلها جميلة حتى ورأسها مدلى من على حبل المشنقة ..
سأكسر تلك اللعنة .. سأمحي ما وهبتني إياه من عار ..
بفأس صغير قام بضبرها على أعلى رأسها .. لتموت على الفور ..

وتكون هي العطر الثالث عشر ..
وسيحقق هو الأسطورة ..
 
=========================
وفاتــــــــــــــــه
=========================


في صباح اليوم التالي قبض على جان ووضع في السجن إلى أن صدر الحكم عليه بالصلب ..

في يوم تنفيذ الحكم ..
هاهو جان يصعد سلالم منصة الصلب بثبات ..
ينظر إلى الجماهير الغاضبة والتي تطالب بالقصاص منه ..

يخرج منديلاً من جيبه ..
ويفتح تلكـ القنينة التي تحوي سائلاً عجيباً .. فيضع منه على المنديل و يلوح به عالياً لتتسربـ الرائحـة عبر النسماتـ العليلة ثم يلقيها على الجماهير ..
يتحول ذلك الغضبـ إلى رضا ونشوة وتنقلبـ الموازين ...
هاهم يستنكرون حكم الإعدام الظالم ..
كيف لصانع هذهـ الرائحـة العطرة التي تبهج القلب .. أن يكون مجرماً سفاحاً يسعى لقتل الشابات اليافعات والجميلات ..


هناكـ من يقول
أنه ألقى بنفسه على المحتشدين وماتـ على الفور ..

وهناكـ من قال أنه
و أمام استنكار الجماهير المحتشدة بعد استنشاق العبير العطر .. أبت العقول تصديق أن صانع تلكـ الرائحة العذبة يكون سفاحاً .. فيتجه بعدها إلى سوق المدينة ويضع من عطرهـ على جسدهـ ليتهافتـ من حوله عليه ويموت وسط تضارب المزدحمين حوله ..

يبقى التضاربـ على كيفية وفاته .. بين ما سبق وبين أقاويل أخرى ..
عرفـ أنه من أشهر السفاحين ..
لكن سيرته تبقى محل جدل واستفهام ..
بين واقع وأسطورة ..

هل هو موجود حقاًّ أم محض خيال ؟!
 
هذه الفقرة من موقع ويكبيديا





باتريك زوسكيند Patrick Süskind "ولد في أمباخ
26 مارس 1949م"

هو كاتب روائي ألماني

من أشهر أعماله
رواية العطر Das Parfum .. التي حولت إلى فيلم سينمائي شهير.



حياته

ولد باتريك زوسكيند في مدينة أمباخ الواقعة على بحيرة شتارنبرج في منطقة جبال الألب في الجنوب الألماني.و درس التاريخ في ميونخ.

وكان والده
فيلهلم إيمانويل زوسكيند
كاتبا ومترجما ومعاونا في صحيفة زوددويتش تسايتونج Süddeutsche Zeitung,
وكذلك كان أخوه الأكبر مارتين زوسكيند يعمل صحفيا.

بعد أن حصل باتريك على الشهادة الثانوية درس التاريخ في جامعة ميونخ, في الفترة من عام 1968 حتى 1974. عمل بعد ذلك في أعمال وأماكن مختلفة, وكتب عدة قصص قصيرة وسيناريوهات لأفلام سينمائية.

ولم يكن يعطي أحاديث صحفية إلا نادرا, وكان يفضل العزلة والاختباء من أضواء الشهرة, وكذلك كان يرفض قبول جوائز أدبية كانت تمنح له, مثل جائزة توكان.

وفي ليلة العرض الأول لفيلم العطر Das Parfum المأخوذ عن روايته, لم يحضر زوسكيند.

وفي الحوار الذي كتبه لفيلم روسينى Rossini، يصور زوسكيند حياته الخاصة بطريقة ساخرة:
فشخصية الفيلم, وهو كاتب, يرفض أن يتقاضى أجرا كبيرا مقابل تحويل كتابه إلى فيلم. حتى أنه لاتوجد له صور فوتوغرافية إلا نادرا.

وفي عام 1987 حصل زوسكيند على جائزة جوتنبرج لصالون الكتاب الفرانكفوني السابع في باريس. وهو يعيش حاليا ما بين ميونخ وباريس متفرغا للكتابة.

.
.

إنتاجه الأدبي

تعد رواية العطر Das Parfum هي أشهر أعمال باتريك زوسكيند,
========================
وقد ترجمت إلى حوالي
46 لغة من ضمنها العربية التي ترجمها نبيل الحفار ونشرتها دار المدى
=========================
وبيع منها ما يقرب من 15 مليون نسخة حول العالم.


وحولت في عام 2006 إلى فيلم سينمائي
أخرجه المخرج الألماني توم تايكوير,
وقد اشترى داستن هوفمان حقوق الراوية لتحويلها إلى فيلم سينمائي ب 10 ملايين يورو.

كما اشترك زوسكيند في كتابة العديد من المسلسلات التلفزيونية, والأفلام مثل "عن البحث عن الحب وإيجاده".

وكانت بداية شهرة زوسكيند في عام
1981,
حين عرضت مسرحية "عازف الكونترباس" Der Kontrabass، وهي مونودراما من فصل واحد, وقد عرضت في الموسم المسرحي لعامي 1984\1985 أكثر من 500 عرض,
وتعتبر بذلك أكثر المسرحيات عرضا في تاريخ المسارح الناطقة بالألمانية,
وتعتبر كذلك من أهم المسرحيات في المسرح العالمي.

=========================
والمسرحية مترجمة للغة العربية وقام بترجمتها المترجم المصري سمير جريس عن الألمانية مباشرة وصدرت عن إحدى دور النشر المصرية.
=========================
.
.

أعماله

عازف الكونترباس 1981
العطر 1985
الحمامة 1987
ثلاث قصص 1995
عن الحب والموت 2006
 
  
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق