الثلاثاء، 8 نوفمبر 2011

التنبوء بالمستقبل

ظاهرة القدرة على التنبوء بالمستقبل




تبين آخر الدراسات أنه بإمكان الناس أن تكون على دراية مسبقة بأحداث ستقع في المستقبل، في رواية "أليس في بلاد العجائب " لـ لويس كارول والتي تحول إلى فيلم في عام 2010 تخبر الملكة البيضاء الفتاة (أليس) ومن خلال رؤيتها في المرآة أن "الذاكرة تعمل في كلا الاتجاهين" في مملكتها . إذ ليس بإمكانها فحسب تذكر أموراً حدثت في الماضي لكنها أيضاً تتذكر " أموراً حدثت في الأسبوع بعد القادم "، فتجادل (أليس) الملكة قائلة :" أنا متأكدة من أن ذاكرتي لا تعمل إلا باتجاه واحد ...إذن لا يمكنني تذكر أمور قبل حدوثها " ، فترد الملكة عليها:" "لديك نوع ضعيف من الذاكرة يعمل للوراء فقط !".






كم ستكون حياتنا أفضل بكثير لو استطعنا العيش في أرض الملكة البيضاء حيث ستعمل ذاكرتنا إلى الأمام والوراء ؟ على سبيل المثال ، في عالم كهذا يمكنك أن نخضع لإمتحان ومن ثم نقوم بالتحضير له بشكل أمامي لكي نكون متأكدين من تحقيق أداء جيداً فيه في الماضي.
من حسن الحظ أن هناك خبراً ساراً في هذا الشأن وهو مبني على سلسلة من الدراسات العلمية الأخيرة التي قام بها (بيم داريل)، فنحن فعلاً نعيش في هذا العالم !




تجارب د. بيم


أجرى د.بيم وهو طبيب في علم النفس الإجتماعي من جامعة كورنيل سلسلة من الدراسات التي نشرت في إحدى المجلات المرموقة في علم النفس وهي (مجلة الشخصية وعلم النفس الاجتماعي)، حيث قام د.بيم باختبار فكرة أن أدمغتنا لا تعكس فقط تجارب الماضي الذي عشناه بل أيضاً تتوقع التجارب المستقبلية وذلك من خلال إجراء 9 تجارب ، وغالباً ما يشار إلى القدرة التي يستطيع الدماغ من خلالها "رؤية المستقبل" بـ
"ظاهرة بساي" Psi Phenomena أو قدرات نفسانية .






وعلى الرغم من إجراء بحث سابق حول "ظاهرة بساي" - معظمنا شاهد صور من الأفلام حول أناس يحدقون في بطاقات زينر مع أشكال النجمة والخطوط المموجة - فإنه غالباً ما تفشل مثل تلك الدراسات في تلبية الحد الأدنى لمتطلبات "التحقيق العلمي"، لكن دراسات د.بيم كانت فريدة من نوعها من حيث أنها تمثل تطبيقاً للأساليب العلمية القياسية كما أنها تعتمد على المبادئ الراسخة في علم النفس، وفي الأصل أخذ د.بيم بعين الإعتبار تلك المؤثرات التي تعتبر صحيحة وموثقة في علم النفس والتي تدرس طرق تحسين الذاكرة وأزمنة الإستجابة وتأثير الذاكرة الكامنة Priming Effect ( ذلك النوع من الذاكرة الذي يجعل الناس مثلاً يعرفون كيف يربطون أحذيتهم أو يركبون دراجتهم بدون التفكير الواعي بتلك الأنشطة) لكنه ببساطة قام بعكس تسلسلها الزمني.
على سبيل المثال ، نعلم جميعاً أن التدرب على مجموعة من الكلمات يجعلها سهلة التذكر (إسترجاعها من الذاكرة) في المستقبل ، ولكن ماذا لو حدث العكس : التدرب بعد التذكر ؟
- في إحدى الدراسات ، وزعت قائمة من الكلمات على مجموعة من طلاب الجامعات وبعد قراءتهم لها خضعوا لإختبار التذكر المفاجئ بهدف معرفة عدد الكلمات التي نجحوا في تذكرها ، ولاحقاً اختار كومبيوتر بشكل عشوائي بعض الكلمات من القائمة للتمرن عليها ومن ثم طلب من المشاركين إعادة كتابتها لعدد من المرات .وأظهرت نتائج الدراسة أن الطلاب حققوا أداء أفضل في التذكر في إختبار التذكر المفاجئ مقارنة مع خضعوا له لاحقاً من تزويدهم بكلمات عشوائية للتدرب عليها ، ووفقا لـ د. بيم ، فإن التدرب على الكلمات بعد الإختبار سمح للمشاركين بـ "العودة إلى الوراء في الزمن لأداء التذكر ".


تجربة الذاكرة الكامنة ذات الأثر الرجعي






وفي دراسة أخرى ، إختبر د.بيم إمكانية عكس تأثير الذاكرة الكامنة Priming Effect المعروف. وفي تلك الدراسة النموذجية عرضت صور على المشاركين وطلب منهم تحديد فيما إذا كانت تكثل صوراً سلبية أم إيجابية . فمثلاً إذا كانت الصورة لهريرة محببة فيفترض أن يقوم بالضغط على زر "ايجابي Positive" وإذا كانت الصورة لديدان على لحوم متعفنة ،فيفترض به أن يقوم بالضغط على زر "سلبي " Negative.
وكان عدد كبير من البحوث قد أثبت مدى قوة تأثير الذاكرة الكامنة في تسريع إكتساب القدرة على تصنيف الصور مع أن العقل الواعي لا يعي ما يراه ، يحدث تأثير الذاكرة الكامنة عندما تومض كلمة بسرعة (فلاش) على شاشة الكومبيوتر إلى درجة أن عقلك الواعي لا يتمكن من إدراكها لكن العقل اللاواعي يدركها وإذا طلب منك أن تخبر عما رأيت فإنك لن تكون قادراً على ذلك. لكن عميقاً في عقلك اللاواعي ترى الكلمة وتعالجها ، في الدراسات التي تناولت تأثير الذاكرة الكامنة ، نجد دائماً أن الناس الذين سبق لهم أن تعرضوا لذاكرة جزئية مرتبطة بصورة تكون قدرتهم أسرع في التعرف إليها. فمثلاً لو ومضت كلمة "سعيد" قبل صورة الهريرة مباشرة ستقوم بالضغط على زر "إيجابي" بشكل أسرع مما لو ومضت كلمة "قبيح" قبل صورة الهريرة وذلك لأن الذاكرة الكامنة حول كلمة سعيد تجهز عقلك لمشاهدة أشياء سعيدة.



- قام بيم في دراسته للذاكرة الكامنة ذات الأثر الرجعي ببساطة بعكس التسلسل الزمني وذلك عن طريق ومض الكلمة بعد تعرف الشخص على الصورة حيث تظهر صورة هريرة ثم يقرر المشترك فيما إذا كانت إيجابية أو سلبية ومن ثم تعرض عليه كلمة سلبية أو إيجابية . وأظهرت النتائج أن الناس كانوا أسرع في التعرف على الصور عندما أتبعت بكلمة سبق أن كانت جزء من الذاكرة الكامنة ( Primed) ، لذلك لن يقوم المشترك بتصنيف الصورة بشكل أسرع فقط حينما تسبقها كلمة طيبة ولكن أيضاً سيصنفها بشكل أسرع من أن تلحقها كلمة طيبة ، كما لو أن أدمغة المشاركين لحظة إنشغالهم في تصنيف الصور تعلم عن الكلمة القادمة ستأتي وهذا ما يلعب دور في قرارهم.


حجم الأثر وقيمة الدراسة

ما ذكر أنفاً لم يكن سوى مثالين عن الدراسات التي أجراها بيم ، لكن دراسات اخرى أظهرت أنها تملك "آثاراً رجعية" مشابهة .حيث تشير النتائج بوضوح إلى أن الأشخاص الذين لا يمتلكون ما ندعوه بالشفافية أو قدرات تتخطى الإدراك الحسي المعروف يكون لديهم على ما يبدو قدرة على توقع الأحداث في المستقبل.
وهنا يبرز سؤال : ما هو حجم هذا الفرق ؟ هل هي دراسة عن إختبار قد حدث ، أو أن يكون التعرض لكلمة بعد تصنيف صورة أثر ملحوظ أم أنه لا يعد إلا تحسن ضئيل في الأداء ؟ بالأساس نتكلم عن "حجم الأثر" ، وفي الواقع حجم تلك المؤثرات صغير في دراسات بيم فهي لا تشكل إلا إرتفاعاً طفيفاً عن الصدفة (قانون الإحتمالات) ومع ذلك يوجد لدينا عدة أسباب تمنعنا عن تجاهل الأحجام الصغيرة لتلك التأثيرات ، إذ أنها متناسقة للغاية.



أولاً - وجد بيم من خلال دراساته أن بعض الناس يظهرون آثاراً أقوى من الآخرين ، على وجه الخصوص فاقت قدرة أولئك الذين لديهم جانباً من الإنفتاح من أنفسهم للآخرين EXTROVERSION مرتين مقارنة مع المعدل لدى الشخص العادي، وهذا يثبت أنه لدى بعض الناس حساسية أكبر لمؤثرات بساي عن سواهم.



ثانياً - الحجم الضئيل للتأثيرات ليس أمراً غير شائع في تجارب علم النفس (والعلوم الأخرى أيضاً)على سبيل المثال ، أظهرت دراسات بيم أن متوسط حجم تأثير يقدر بـ 0.2 (من مجال يتراوح من 0 إلى 1) وعلى الرغم من أنه صغير نسبياً فإنه كمية كبيرة أو أكبر من بعض الآثار الأخرى في التجارب مثل تأثير العلاقة بين الأسبرين والوقاية من الذبحة القلبية ، أو بين تناول الكالسيوم وكتلة العظام ، ومن جهة أخرى بين الدخان وصلته بسرطان الرئة ، أو استخدام الواقي الذكري والوقاية من فيروس نقص المناعة البشرية (إيدز) ( البوشمان وأندرسون ، 2001). وكما أشار كوهين لها فإن مثل تلك الكميات الصغيرة في التأثير تكتشف عادة في المراحل الأولى من إستكشاف أمر جديد، وهي اللحظة التي بدأ فيها العلماء للتو اكتشاف سبب حدوث ومتى يرجح أنه يحدث.



فيزياء الكم مثال مدهش على توقع المستقبل

حتى إذا سلمنا أن " ظاهرة بساي " حقيقية ، فكيف يمكن لنا تفسيرها من دون فهم كامل للزمن والفيزياء ؟ في الواقع تكون تلك الآثار متناسقة جيداً مع الفيزياء الحديثة وتأخذ الزمان والمكان على محمل الجد. على سبيل المثال يعتقد آينشتاين أن الفعل المجرد في مراقبة أمر هنا قد يؤثر على أمر آخر هناك ، وهي ظاهرة وصفها بأنها "فعل شبحي يحدث عن بعد".





وبالمثل ، أظهر علم فيزياء الكم الحديث أن جسيمات الضوء تعلم ما ينتظرها مستقبلاً وتضبط سلوكها وفقاً لذلك ، على الرغم من أن الحدث المستقبلي لم يقع. على سبيل المثال ، في تجربة الشق المزدوج Double Split Experiment الكلاسيكية اكتشف الفيزيائيون أن جسيمات الضوء تستجيب بشكل مختلف عندما تتم مراقبتها ، لكن في عام 1999 دفع الباحثون تلك التجربة إلى أقصى إمكانياتها متسائلين : "ماذا لو حدثت المراقبة بعد نشر جسيمات الضوء ؟! ". ومما يدعو للدهشة حقاً أن الباحثين وجدوا الجسيمات وقد تصرفت بنفس الطريقة كما لو أنها كانت على علم بأنها على وشك أن تراقب في المستقبل مع أن تلك المراقبة لم تحدث بعد !.

يبدو أن هذه الآثار الزمنية المراوغة تتناقض مع ما نعتقده بأنه جزء من المسلمات (الحس المنطقي السليم) حتى أن محاولة فهمها تصيب المرء العادي بالصداع ، لكن الفيزيائيين عليهم قبولها كما هي .وهذا يذكرنا بقول دكتور تشياو وهو عالم فيزياء من جامعة بيركلي حيث قال ذات مرة عن ميكانيك الكم :"انه مناقض تماماً لتوقعاتنا وخارج عن تجربتنا اليومية ، لكن نحن (الفيزيائيون) علينا الإعتياد عليه".
ومع أن الزمن خطي Linear بالنسبة للبشر لكن هذا لا يعني بالضرورة أنه كذلك ، وعلينا كعلماء جيدين أن لا نترك المعتقدات والإنطباعات المسبقة تترك تأثيراُ على ما نقوم بدراسته من علوم حتى لو كانت تعتبر عن إفتراضاتنا الأساسية (البديهيات) عن كيفية عمل الزمان والمكان (الزمكان).



واقع أم خيال علمي ؟!

إن عمل د.بيم أثار أفكاراً كما يفترض بأن يقوم به العلم الجيد والمبني على الدقة المتناهية ، فطرح أمامنا أسئلة أكثر من إجابات ، فلو جمدنا معتقداتنا حول الزمن وقبلنا بأن الدماغ قادر على الوصول إلى المستقبل فإن السؤال القادم سيكون: "كيف تسنى له فعل ذلك ؟ " ، وفقط لأن التأثير بدا لنا "خارقاً للطبيعة" لا يعني بالضرورة أنه كان السبب. حيث اعتبرت العديد من الإكتشافات العلمية في وقت ما خارجة عن أرض الواقع وتناسب أكثر الخيال العلمي (مثال على ذلك : الأرض كروية ، العضويات التي ترى بواسطة المايكروسكوب) . ويوجد حاجة للبحوث المستقبلية لإكتشاف الأسباب الفعلية لتلك التأثيرات في الدراسات.


- وعلى غرار العديد من الإكتشافات غير المألوفة في العلوم فإن نتائج بيم سيكون لها تأثير عميق على ما نعرفه ، وعلينا تقبلها كحقيقة ، لكن قد لا تكون تلك الآثار مفاجأة كبيرة بالنسبة للبعض منكم ، لأنه في مكان ما عميق في داخلكم علمتم أنكم ستقرأون عنه هذا اليوم.


شاهد الفيديو

يشرح الفيديو تجربة الشق المزوج Double Split Experiment بشكل مبسط (كرتوني)، ومما يدعو للدهشة حقاً أن الباحثين وجدوا جسيمات الضوء تصرفت بنفس الطريقة كما لو أنها كانت على علم بأنها على وشك أن تراقب في المستقبل مع أن تلك المراقبة لم تحدث بعد !، العين في هذا الفيديو تمثل عين المراقب في التجربة.


YouTube Video
http://www.youtube.com/watch?v=DfPeprQ7oGc&feature=player_embedded 


نبوءة مورجان روبرتس






لم يسع المدير العام لمؤسسة راند إلا أن يرفع حاجبيه في دهشة, لم تلبث أن تحولت إلى ذهول شديد, وهو يتوغل في قراءة ذلك الذي قدمه إليه أحد مستشاريه, حول فكرة جديدة للاستفادة مما أسماه مستشار بـ: أدب الكوارث
لم يكن مرجع ذهول المدير العام هو استخدام مستشاره لهذه التسمية العجيبة, ولا حتى ذلك الأسلوب الجاف الذي استخدمه في تقريره, وإنما إلى وقائع التقرير نفسه ويا لها من وقائع



دعونا أولاً نتعرف على شركة راند هذه، فهذه المؤسسة ذات الاسم المقتضب القصير واحدة من أرفع مؤسسات الأبحاث العلمية والعسكرية في الولايات المتحدة, وغالباً ما تعهد إليها الحكومة الأمريكية ببعض الأبحاث والدراسات الشديدة السرية والخطورة مما فرض على المؤسسة نمطاً خاصاً, وجدية يستحيل الحيدة عنها, والتزام بالحقائق العلمية والعملية والتاريخية التزاماً لا يمكن أن يتطرق إليه الشك.
أما التقرير فقد كان يحوي فقط عدة صفحات من رواية قديمة وتقريراً بحرياً واحداً
أما الرواية, فهي واحدة من روايات الكاتب الأمريكي المبدع مورجان روبرتس وتحمل اسم فيوتيليتي. ورواية فيوتيليتي هذه تتحدث عن سفينة عملاقة, ابتكرها خيال مورجان في عام 1898, وتصور أن وزن هذه السفينة العملاقة التي لم يكن لمثلها وجود في عصره, يبلغ سبعين ألف طن, وأن طولها يصل إلى مائتين وأربعين متراً ولها محرك مزود بثلاث مراوح قوية
وكان هذا التصور, في نهاية القرن التاسع عشر, يكفي لرفع اسم مورجان روبرتس إلى مصاف أعظم كتاب الخيال, فلم يكن من السهل في تلك الآونة تصور وجود مثل هذه السفن العملاقة التي صارت اليوم مجرد سفن عادية, قد تعجز عن بلوغ مرتبة البواخر الهائلة ذات النسق المتطور
وفي روايته, منح مورجان سفينته العملاقة اسم تيتان وجعلها تحمل ثلاثة آلاف مسافر, وتنطلق في أولى رحلاتها, في احتفال هائل لتشق المحيط في أوائل شهر نيسان.
ولأن قصته كانت تتحدث عن كارثة, فقد جعل مورجان سفينته العملاقة تتعرض لضباب شديد في رحلتها الأولى ثم ترتطم بجبل جليدي, و … وتغرق ..
وعندما طرحت رواية مورجان في الأسواق, استقبلتها الجماهير في مزيج من الدهشة والإعجاب, فقد بهرتهم فكرة وجود سفينة عملاقة بهذا الحجم, وأثارهم أن يتسبب جبل عائم مثلها في هزيمة كتلة جليدية واحدة. لقد فاز بالانتشار الكافي لفترة محدودة, ثم لم تلبث أن تراجعت في سياق النشر, وأفسحت الطريق لروايات أكثر إثارة طوال أربعة عشر عاماً
وهنا يأتي دور التقرير البحري



إن التقرير يتحدث عن سفينة عملاقة أخرى, ولكنها هذه المرة سفينة حقيقية, احتلت صورها وأخبارها صفحات الصحف الأولى طويلاً, منذ انتهى بناؤها وحتى نهاية قصتها
ومن العجيب أن هذه السفينة العملاقة الحقيقية, التي بدأت أولى رحلاتها في المحيط في عام 1912 أي بعد أربعة عشر عاماً من نشر رواية مورجان, كانت تزن أيضاً ما يقرب من السبعين ألف طن بالتحديد كان وزنها ستة وستين ألف طن والعجيب أيضاً أن طولها كان يبلغ مائتين وثمانية وأربعين متراً وكان محركها يتكون أيضاً من ثلاث مراوح قوية ومن العجيب أن أحداً لم ينتبه إلى التشابه الشديد بين هذه السفينة, وبين سفينة رواية مورجان، بل إن السفينة الحقيقية حملت اسم تيتانيك, مضيفة حرف الكاف فقط, إلى اسم سفينة مورجان، وربما كان تراجع رواية فيوتيليتي, وانحسار الأضواء عنها, سبباً في عدم الالتفات إلى التشابه الشديد بينها وبين التيتانيك.
المهم أن تيتانيك أيضاً قد انطلقت في أولى رحلاتها في احتفال كبير في أوائل شهر نيسان وعلى متنها 3000 مسافر .. أهي صدفة حقاً ؟؟ لقد انطلقت تيتانيك في رحلتها, والثقة تملاً قلوب ركابها وقبطانها وبحارتها, في أنه من المستحيل أن تغرق سفينة عظيمة عملاقة كهذه
وهذا ما أعلنته الشركة المالكة لـ تيتانك ولكن الضباب أحاط بـ تيتانك تماماً مثلما حدث لسفينة مورجان، وعلى الرغم من هذا غادر القبطان كابينة القيادة, وتناول العشاء في صالة الركاب, وهو يوزع ابتساماته وثقته على الجميع, وترك القيادة لضابطه الأول، وفجأة ظهر جبل الجليد الضخم وأصيب طاقم السفينة بالذعر, عندما برز ذلك العملاق الجليدي أمام عيونهم بغتة
ثم حدث الارتطام ..



تماماً مثلما حدث في رواية مورجان, بدأت تيتانك تغرق وكان هذا في العاشر من نيسان عام 1912 وعندما بدأت محاولات النجاة في تيتانك الغارقة, كان الجميع يتصرفون كما لو أنهم يتبعون نفس الوصف, الذي تضمنته رواية مورجان .. حتى النهاية جاءت متطابقة على نحو مذهل وهذا ما تضمنه تقرير مستشار المدير العام لمؤسسة راند
ولقد ظل المدير صامتاً مبهوتاً بعد انتهائه من قراءة التقرير, ثم لم يلبث أن هب من مقعده واندفع إلى حجرة مستشاره واقتحمها في عنف, وهو يهتف في وجهه: أأنت واثق بكل حرف ورد في هذا التقرير ؟

لم يكن بحاجة إلى إلقاء مثل هذا السؤال, فقد كان يعلم أن سمة التعامل في المؤسسة هي الصدق وتحري الدقة الشديدة, وعلى الرغم من هذا, فقد انتفض جسده في حماس, عندما أجابه مستشاره بالإيجاب، لقد قرأ معجزة حقيقية في هذا التقرير وعلى الفور, أصدر المدير أوامره بشراء كل الروايات التي تحوي أخبار كوارث وهمية, ابتدعتها عقول الأدباء, ودراستها دراسات جادة مستفيضة لبحث عن أي تشابه بينها وبين أي أمر حقيقي, يدور الآن أو مستقبلاً وفي مكتبه, عاد المدير يقراً التقرير مرة ثانية, ويلقي على نفسه عشرات الأسئلة الحائرة, التي تحتاج إلى أجوبة




كيف استطاع عقل مورجان روبرتس وصف حادثة مستقبلية بهذه الدقة؟
كيف أمكنه التنبؤ بكل ما حدث؟
هل هذه قدرة خاصة يمتلكها مورجان وحده؟
وهل يستطيع الإنسان العادي امتلاك مثل هذه المقدرة؟
ولم بحصل المدير على أجوبة شافية حتى الآن
لقد استطاع مورجان قراءة المستقبل وهو يكتب روايته
أو أن الوحي الساقط عليه حينئذ كان زائراً من المستقبل
لا أحد يدري..



التنبوء بالاقتراب من الخطر


تعرف قدرة "الاحساس باقتراب الخطر" أو Premonition على أنها شكل من أشكال التنبؤ الغريزي بقرب حدوث الخطر وتصنف ضمن المواهب الأخرى خارج نطاق الحواس الخمس المعروفة كالتخاطر والاستبصار وتحريك الأشياء (الحاسة السادسة) ، وكغيرها من القدرات الأخرى يتمتع بتلك القدرة عدد قليل فقط من الناس ولأسباب ما زالت مجهولة لحد الآن وعلى الرغم من أن الحيوانات تفوق البشر بتلك القدرات من خلال التجارب العلمية . تختلف التفسيرات بشأن مصدر تلك الرسائل التحذيرية او الأحاسيس والايحاءات الغامضة التي تتولد لدى من يتمتعون بتلك القدرة فمنهم من يردونها إلى الأرواح أو الجن أو حتى الملائكة وتختلف أشكال نقلها فقد تكون على شكل أحلام أثناء النوم أو في اليقظة أو تكون احساس غريب بعدم الارتياح وأفكار تسيطر على الذهن أو مجرد هلوسات أو صدفة. تختلف تلك القدرة عن التنبؤ فالثاني على درجة عالية من التفاصيل حيث يجيب عن الأسئلة: من هو وأين ومتى وكيف.





تعريف ريخت

يقول العالم النفساني تشارلز ريخت أنه يجب تحقق اثنين من الأمور حتى نصف ما حدث على أنه Premoniton أو تنبؤ فعلي باقتراب الخطر:
1- الحقيقة التي يعلنها الشخص الذي يتمتع بتلك القدرة يجب أن تكون مستقلة تماماُ عنه.
2- الحقيقة التي يعلنها الشخص الذي يتمتع بتلك القدرة لا يمكن حدوثها بالصدفة أو أو فهمها كاستنتاج منطقي.





حلم يتحول إلى حقيقة !

شاهد ايرل هارتينغتون حلماً غريباُ في أثناء نومه الذي كان حينذ في صحة جيدة، حيث شاهد هيكلاً عظمياً بنظر إليه وبرز من لحاف نومه واستلقى بينه وبين زوجته. مات ايرل بعدها بـ 15 يوماً فقط!









رسالة غامضة أثناء التنويم المغناطيسي تتحول إلى حقيقة !


يتولى عقلنا اللاواعي القيادة عن العقل الواعي في حالة التنويم المغناطيسي أو النوم، وتزعم فريديريكا هاوفي أنها وبينما كانت في تغط في حالة التنويم المغناطيسي شاهدت روحاً تخبرها بخطر يهدد ابنتها وفعلاُ قتلت ابنتها بعد عدة اسابيع نتيجة سقوط طوب/حجر بناء على رأسها.





أرقام: حالات التنبؤ بالوفاة



جمعت جمعية البحوث النفسية في عام 1880 أكثر من 668 حالة تنبؤ بوقوع الوفاة، إضيف إليها 252 حالة اضافية في عام 1922 ، كما جمعت كاميلا فلاماريون لوحدها 1824 حالة ، ومن وقت لآخر تسجل حالات في كل من انجلترا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا.





أمثلة عن الحالات


1 - حلم تشارلز ديكنز بامراة ترتدي وشاحاً أحمر تقول له: "أنا الآنسة نابيير"، ولم يكن يعرف من هي، وبعض عدة ساعات زارته فتاتين إحداهما قدمت نفسها على أنها "الآنسة نابيير" وكانت مرتدية وشاحاً أحمر !
2 - تحدث السير أوليفر لودج عن وزير انجليزي حلم بعاصفة مروعة وبرق يدخل إلى غرفة تناول الطعام يحطم المدخنة المقابلة للسقف بالرغم من أنه لاحظ أن الجو مشرق، طلب من زوجته بعدها إعداد طعام الغداء في وقت مبكر وحدث فعلاُ ما شاهده في الحلم حيث بدأت العاصفة وحطمت مداخن السقف المجاور لهم.
3- كان الرئيس الأمريكي أبراهام لينكولن يشعر بدنو أجله، ،حيث كان يقول: " سادتي ، شيء غير عادي سيحدث قريباً جداُ"، بعدها تكلم عن مشاهدته لحلم يروي فيه أنه يركب زورق في نهر جار ويشعر بأنه يغوص للأسفل !" وقبل ستة اسابيع من اغتياله شاهد مجموعة من المعزين في البيت الأبيض يحيطون بكفن يلف جسده !"، و فعلاً لقي أبراهام لينكلون فعلاً حتفه نتيجة طلقات نارية وهو يحضر مسرحية في دار الأوبرا!
4- الفنانة العربية أسمهان كانت متأثرة بنبوءة غرقهاحيث أخبرها أحد المشعوذين يدعى الأسوطي بأنها ستموت غرقاً في الترعة، وفعلاً هذا ما حدث،إذ انحرفت السيارة التي تقلها مع صديقتها إلى النهر لتغرق فيها ،والسؤال هنا: هل استغل الطرف الذي اغتالها معرفته لتلك "النبوءة" بهدف التواري عن الأنظار وتدبير الحادثة على أنها "قضاء وقدر" وتحقيقاً لتلك لنبوءة؟ ولكن اختفاء جثة السائق يؤكد ذلك الاغتيال لكن الأصابع تشير إلى المخابرات البريطانية أو الملك فاروق أو حتى أمه نازلي.






حيوانات تستشعر الخطر قبل حدوثه






كان باستطاعة الصينيين تفادي كارثة الزلزال الذي ضرب أراضي المنطقة الوسطى من الصين في 12 مايو 2008 مخلفاً وراءه 10,000 قتيلاً فقط لو أنهم أصغوا للضفادع (العلاجيم)!، حيث سجلت مقاييس الهزات حينها درجة 7.8 عندما ضرب الزلزال المنطقة في الساعة 2:54 بعد الظهر. ففي اليومين اللذين سبقا حدوث الزلزال قررت آلاف من العلاجيم فجأة عبور جسر يايزهو وهي بلدة في مقاطعة جيانغسو (انظر الصورة) ، واستغرب زوار مواقع الإنترنت الصينيون آنذاك من عدم استفادة السلطات المحلية لحادثة عبور الآلاف من الضفادع والتي تنذر بقدوم زلزال قوي عادة، كما أن العلماء لا يأبهوا لملاحظة الإختفاء الغريب لبحيرة بأكملها واقعة في إنشي في مقاطعة هوبيه وذلك في 28 أبريل 2008 يقول الدراسين للهزات الأرضية أن الصينيون لهم خبرة طويلة في الربط بين سلوك الحيوانات ووقوع الزلازل ، ولحد الآن لا يوجد دراسة علمية تؤكد مزاعم القرويين حول فكرة أن الضفادع تحس بالزلازل قبل وقوعها. يقول باسكال برنارد وهو باحث في الهزات الأرضية في جامعة جوسيو في مدينة باريس أن الحيوانات تستشعر بالهزات الضئيلة جداً التي تحدث قبل وقوع




الزلزال . وبالرغم من صعوبة البرهان على أن الضفادع تستطيع أن تتنبأ بوقوع الزلازل ، إلا أننا نعلم أنها تستشعر أدنى الهزات شدة وتتفاعل مع حركات المياه في جوف الأرض وحتى مع التغيرات في تركيب الهواء ، ويبدو أن تلك النظريات تنتظر فقط البرهان العلمي الذي لم يأت بعد. وللصين تاريخ طويل من التقاليد المعمول بها لدراسة سلوك الجرذان والأفاعي والعلاجيم ..الخ و ربطها بالكوارث الأرضية، ففي السبعينيات شهدت تلك الفكرة الإهتمام المتزايد فيها ، كان المزارعون يراقبون عن كثب كافة أنواع السلوك لدى الحيوان بهدف تجنب أية كارثة طبيعية أو هزة أرضية ويبدو أنها لم تكن مستخدمة دائماً ، ففي عام 1975 حاول المزارعون التنبأ بالزلزال بسبب إحساسهم بالهزات الخفيفة الأولى وليس بسبب شيئ رأوه في الحيوانات.









الصين تستخدم الأفاعي لتوقع الزلازل


أتى الناس فكرة فريدة من نوعها في مقاطعة الصين الجنوبية ، فقد استخدموا الأفاعي للتنبؤ بقدوم الزلزال. ووفقاًُ لصحيفة ديلي تشاينا و وكالة رويترز ، قام مكتب الزلازل في نانينغ عاصمة جوانجكسي بمراقبة تمرئية (فيديوية)على مدار 24 ساعة لمراقية سلوم الأفاعي في مزارع مخصصة لذلك. يعتقد العلماء أن الأفاعي حساسة بشكل خاص للذبذبات التي تولدها الزلازل القادمة. هذا وتعتبر الأفاعي أكثر الحيوانات حساسية اتجاه الزلازل كما يقول جيانغ ويسونغ فعندما يكون الزلزال على وشك الحدوث تخرج الأفاعي من أوكارها وأعشاشها حتى في الجو البارد من الشتاء ، وإن كان الزلزال القادم شديداً عندها ستضرب نفسها باتجاه الجدران محاولة الفرار.ويضيف جيانغ أن بمقدور لاأفاعي تحسس الزلزال على بعض 120 كيلومتر وقبل 3 إلى 5 أيام من حدوث الزلزال. غير أن صحيفة تشاينا ديلي لم تشر إلى أساس تلك التصريحات. وبينما يؤيد بعض الدارسين للهزات الأرضية الفكرة التي مفادها بأن الحيوانات تستجيب لأي زيادة في الإشارات الكهرومغناطيسية منخفضة التردد إلا أنه لا يوجد دليل علمي على أن الإستخدام المتواصل للحيوانات يمكن أن ينجح دائماً في توقع الزلازل بالرغم من أن الحيوانات تسلك سلوكاً غير عادياً قبيل حدوثها.



حادثة تسونامي وأسراب البط الأسود

وعلى سبيل المثال، كانت هناك مزاعم قبل حدوث كارثة تسونامي في 26 ديسمبر 2004 بأن الحيوانات تركت المناطق الساحلية واتجهت نحو الأراضي العالية ، كما حدث غالباً في ولاية تاميل نادو الهندية عندما قال مسؤول المحميات والغابات أن حوالي 500 طيراً من البط الأسود إتجهت من الساحل نحو الأراضي العالية المجاورة.




وأخيراُ الله وحده عالم الغيب وقد يخص عباده ببعض الرسائل أو الإيحاءات قبل حدوث أمور معينة. والله أعلم



المصادر

- Observers

- MongaBay.com

- موقع د. بيم



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق