الأربعاء، 9 نوفمبر 2011

سفاح هانوفر .. مصاص دماء تلذذ بشرب دماء ضحاياه


العديد من الناس يتساءلون عن حقيقة شخصية مصاص الدماء وفيما إذا كان لها وجود حقيقي؟ الجواب غالبا ما ‏يكون نفيا مصحوبا بالسخرية، فالبعض يردون على الفور قائلين بأن مصاص الدماء هو شخصية أسطورية ‏اخترعها الناس البسطاء والسذج في العصور الوسطى للتنفيس عن مخاوفهم وآلامهم. لكن ما لا يعلمه اغلب ‏الناس هو انه هناك في علم الطب مرض حقيقي اسمه متلازمة رينفيلد (‏Renfield's syndrome‏). المصاب ‏بهذا المرض العقلي يشعر برغبة لا تقاوم لمص وشرب الدماء. ورغم ندرة الإصابات وكذلك الدراسات ‏والأبحاث، إلا إن هناك حالات موثقة لسفاحين وقتلة متسلسلين كانوا مصابين بهذا المرض وكانوا يتلذذون حقا ‏بشرب دماء ضحاياهم، احدهم هو بطل قصتنا لهذا اليوم.







فريتز هارمن .. مصاص دماء هانوفر


كان الصبية يلعبون ويمرحون بالقرب من ضفاف نهر لاينه حين ندت فجأة عن احد زملائهم صرخة رعب، كان الصبي يشير بيده المرتجفة إلى كومة داكنة من الطمي والأوساخ على ضفاف النهر تعلوها جمجمة بشرية. وكعادة الصبيان حين يذعرون فقد أطلقوا للريح سيقانهم ولاذوا بالفرار لا يلوون على شيء ليخبروا أهليهم بما شاهدوا. ولم يمضي وقت طويل حتى ظهر رجال الشرطة في ذات المكان واكتشف المحققين عظاما بشرية بدا جليا أنها مع الجمجمة تعود إلى شخص واحد.

في الأيام التالية جاد نهر لاينه بالمزيد من العظام على ضفافه. وقد أظهرت الفحوص الجنائية أن تلك العظام تعود إلى ذكور تتراوح أعمارهم بين 17 - 20 عاما فصلت جماجمهم عن أجسادهم ونزع اللحم عن عظامهم بواسطة أداة حادة قبل إلقائهم في النهر.







صور لبعض العظام التي عثر عليها في النهر



في بادئ الأمر ظنت الشرطة أن البقايا البشرية مصدرها احد المختبرات الطبية أو بعض نباشو القبور. لكن العثور على المزيد من العظام على ضفاف النهر وكذلك التقاط حقيبة جلدية تحتوي على أحشاء بشرية في احد المستنقعات القريبة من النهر جعلت محققي الشرطة يرتابون في أن تكون للقضية خلفية جنائية.

مع ازدياد هياكل نهر لاينه أخذت الصحافة تكتب عن الموضوع واخذ الرعب يلف المدينة التي صار سكانها يتحدثون بوحي من تراثهم عن ظهور "مستذئب" آكل للحوم البشر في مدينتهم. وازدادت باضطراد البلاغات التي تصل الشرطة من عائلات اختفى أبنائها. كل هذا دفع شرطة هانوفر وبمساعدة مئات المتطوعين إلى القيام بحملة تفتيش كبرى بحثا عن دليل يمكن أن يفك لغز البقايا البشرية. فتشوا كل مكان .. الغابات .. المستنقعات .. الضواحي .. المقابر والأماكن المهجورة. وأخيرا حجزوا مياه النهر وفتشوا مجراه فعثروا هناك على كمية كبيرة من العظام البشرية تبين لاحقا أنها تعود إلى قرابة 22 شخصا جميعهم من لذكور وتتراوح أعمارهم بين 15 - 20 عاما، بعضها كانت تقبع في قاع النهر منذ مدة طويلة فيما بدت مجموعة أخرى حديثة العهد، واغلبها تم نزع اللحم عنها قبل أن ترمى في النهر.

شرطة هانوفر شنت حملة واسعة من الاعتقالات تم خلالها استجواب أرباب السوابق، كما بثت عشرات المخبرين في أرجاء المدينة لمراقبة كل من يشتبه بصلته بشبكات الإجرام. لكن جميع الجهود باءت بالفشل ولم يتم التوصل إلى أي شيء يمكن أن يساهم في حل القضية.

محطة القطار

في يوم 22 حزيران / يونيو عام 1924 انتبه المسافرون في محطة قطار هانوفر إلى صراخ ونقاش حاد ارتفع من احد الأركان بين فتى مراهق ورجل أربعيني، احد رجال الشرطة تقدم إليهما وتساءل عن سبب جدالهما فأشار الرجل الأربعيني إلى الفتى وقال مخاطبا الشرطي : "اقبض على هذا الفتى أيها الشرطي لأنه يسافر بأوراق مزورة".
ما قاله الرجل اغضب الفتى بشدة فصرخ قائلا : "ياله من كاذب! .. لا تصدقه أيها الشرطي .. لقد احتجزني هذا الرجل في منزله عدة أيام وحاول قتلي".

بدا الارتباك جليا على وجه الرجل الأربعيني فأجاب متلعثما : "هل تصدق هذا الفتى المخادع! .. انه هارب من عائلته ويسافر بأوراق مزورة .. أاا .. أانا رجل شريف .. و .. وو.. أنا اعمل مع الشرطة أيضا".
نظر الشرطي إلى الرجل والفتى أمامه بعين الريبة وتذكر جيدا الأوامر التي كررها عليه رئيسه عدة مرات في الانتباه لكل أمر يحدث أمامه حتى لو بدا تافها وغير مهما، لذلك أمر الشرطي كل من الرجل والفتى أن يأتيا معه إلى المخفر وبدون مناقشة.

في المخفر تعرف المأمور على الرجل الأربعيني على الفور، اسمه فريتز هارمن (Fritz Haarmann ) من أرباب السوابق يعمل مع الشرطة أحيانا كمخبر وله سجل حافل بجرائم التحرش بالفتيان المراهقين.
أما الفتى المراهق فكان يدعى كارل فروم، في الخامسة عشر من العمر. قال بأنه قابل هارمن في محطة القطار قبل عدة أيام فعرض هذا الأخير مساعدته في إيجاد عمل ومأوى واصطحبه معه إلى شقته، هناك تحرش به جنسيا واعتدى عليه. وفي اليوم الأخير من إقامته القصيرة استيقظ الفتى صباحا ليجد هارمن ممسكا بسكين كبيرة ويتفحص جسده كأنه قصاب يختبر خروفا قبل الذبح، ثم التفت نحو الفتى وسأله : "هل تخاف الموت ؟". الفتى تملكه رعب شديد حتى عجز عن الرد فانفجر هارمن ضاحكا وابتعد قائلا بأنه يمزح. لكن الفتى قرر الهرب اثر هذه المزحة السمجة فلحقه هارمن إلى محطة القطار وانتهى بهما المطاف إلى المخفر.


الصدفة أوقعت الوحش







من غرائب الصدف انه بينما كان هارمن في المخفر، كانت والدة احد الفتيان المفقودين ويدعى روبرت فيتزل تنتظر من اجل لقاء المأمور أملا في معرفة أي شيء حول مصير ابنها. وحين جلبوا هارمن للتحقيق أخذت السيدة فيتزل ترمقه بنظرات حادة، كانت تنظر إلى شيء محدد في جسده ألا وهو سترته ثم فجأة ارتمت عليه وأخذت تصرخ : "إنها سترة روبرت! .. إنها سترة روبرت!".

حال رجال الشرطة بين السيدة فيتزل وهارمن وسألوها عن سبب صراخها فأخبرتهم بأنها واثقة بأن السترة التي يرتديها هارمن هي نفسها سترة ابنها روبرت التي كان يلبسها في ليلة اختفاءه، وللتأكد من ذلك طلبت منهم أن يقوموا بفحص بطانتها لأن اسم فيتزل مكتوب عليها. وبالفعل عثروا على الاسم مكتوبا داخل البطانة. لكن هارمن أنكر معرفته بروبرت وزعم بأنه اشترى السترة من احد باعة الملابس المستعملة.

روبرت فيتزل كان في الثامنة عشر حينما اختفى فجأة في إحدى الليالي أثناء عودته من احد عروض السيرك، وقد شوهد للمرة الأخيرة وهو يمشي برفقة رجل زعم بأنه شرطي.

أخذت الشكوك تحوم حول هارمن فقامت الشرطة بتفتيش شقته وعثرت داخلها على كمية كبيرة من الملابس المستعملة التي تبين بأن قسما كبيرا منها يعود لبعض الفتية المفقودين، كما لاحظ المحققين أن جدران الشقة كانت مغطاة ببقع دماء متيبسة كأنها جدران مسلخ أو محل قصابة.

هارمن زعم بأنه اشترى الملابس المستعملة في منزله من الباعة المتجولين وانه لا يعلم مصدرها الحقيقي، أما بقع الدم على جدران شقته فزعم أنها دماء حيوانية لأنه كان يتاجر باللحوم أحيانا.

حجج هارمن لم تقنع الشرطة، كان شاذا جنسيا ولديه سوابق عديدة في التحرش والاعتداء على الأطفال والمراهقين، كما إن العثور على ملابس العديد من الفتيان المفقودين في شقته يدل على علاقته المباشرة باختفائهم.

لأيام عدة حاصر المحققون هارمن بالأسئلة و واجهوه بالأدلة الدامغة وأنهكوه بالتعنيف والضرب حتى حصلوا منه في النهاية على اعترافات ستهز ألمانيا لبشاعتها و وحشيتها.

]

من هو فريتز هارمن ؟








ولد في هانوفر عام 1879، الطفل السادس لأبوين فقيرين. كان والده قاسيا وعنيفا أما أمه فقد أولته محبة وعطفا كبيرين. الشيء المميز في طفولة هارمن هو عدم ممارسة لألعاب ونشاطات الأطفال الذكور وعوضا عن ذلك كان يقضي جل وقته يلعب بالدمى مع شقيقته.

في المدرسة لم يكن طفلا متفوقا أو مميزا لكنه عشق إفزاع وتخويف الآخرين إلى حد الهوس.
في سن السادسة عشر وبسبب علاقته المأزومة بوالده قرر الفتى الالتحاق بالجيش، أحب الحياة العسكرية فأبلي حسنا في معسكرات التدريب، وربما لو استمرت حياته في الجيش لتغيير مستقبله كليا، لكن بعد عام على التحاقه بدأ هارمن يعاني من نوبات صرع سقط في إحداها من مكان مرتفع فأصيب رأسه واغشي عليه، وقد اجمع زملاءه على أن شخصيته وسلوكه تغييرا بشكل كبير بمجرد إفاقته من الغيبوبة، لقد تحول إلى شخص آخر لا يمت بصلة إلى هارمن الطموح والمثابر. وهناك من يعتقد بأن هذه السقطة كان لها الدور الرئيس في تكوين شخصية هارمن المجرم، ففي عالم الطب توجد نظرية قديمة تعتقد أن القتلة المتسلسلين تعرضوا في مرحلة ما من حياتهم إلى حادث عنيف غير سلوكهم كليا واثر في سلامة عقولهم.

سرح هارمن من الجيش بسبب مرضه وعاد إلى منزل عائلته في هانوفر ليعمل في مصنع للسكائر. وفي عام 1898 القي القبض عليه للمرة الأولى بتهمة التحرش الجنسي بطفل فتمت محاكمته إلا انه لم يسجن لأن الأطباء الذين فحصوه قالوا بأنه يعاني من مشاكل عقلية وتم تحويله إلى مصحة عقلية.

أمضى هارمن 6 أشهر في المصحة قبل أن يفر منها إلى سويسرا.
في عام 1902 عاد هارمن إلى ألمانيا والتحق بالجيش مرة ثانية تحت أسم مستعار وهذه المرة أيضا تم تسريحه لأسباب مرضية لكن بمعاش تقاعدي كامل.

مرة أخرى عاد هارمن إلى هانوفر وحاول أن يبدأ عملا خاصا فأستأجر دكانا صغيرا لكنه سرعان ما أفلس وخسر كل أمواله فقرر نبذ الأعمال الشريفة نهائيا وانغمس كليا في عالم الجريمة والسرقة.

لعقد كامل مارس هارمن اللصوصية والاحتيال، القي القبض عليه عدة مرات حتى أصبح وجها مألوفا في المخافر والسجون إلى درجة انه اخذ يعمل مع الشرطة أحيانا كمخبر. لكن في عام 1914 القي القبض عليه متلبسا بسرقة كبيرة وحكم عليه بالسجن لأربع سنوات.
حين خرج هارمن من السجن عام 1918 صدمه وضع ألمانيا بعد الحرب العالمية الأولى، كان الاقتصاد مدمرا والبلاد تعاني من تقلبات سياسية واجتماعية كبيرة نتيجة الهزيمة. لذلك لم يجد هارمن بدا من العودة لحياة الإجرام والتي بدا أنها انتعشت كثيرا بسبب ظروف البلاد.


أعوام الرعب







أول ضحايا هارمن كان فتى في السابعة عشر من العمر اسمه فريدل روث اختفى في أيلول / سبتمبر عام 1918، ولأنه كان قد شوهد للمرة الأخيرة برفقة هارمن لذلك قامت الشرطة بمداهمة مسكن هذا الأخير، لكن عوضا عن العثور على الفتى المفقود عثرت الشرطة على هارمن في الفراش مع فتى أخر نصف عاري فالقي القبض عليه بتهمة التحرش الجنسي وحكم عليه بالسجن لتسعة أشهر. والطريف أن الشرطة لو كانت قد فتشت الشقة آنذاك لعثرت على رأس فريدل روث ملفوفا في جريدة خلف الموقد في غرفة هارمن.

في عام 1920 أطلق سراح هارمن فأخذ يتودد إلى الشرطة ويمدهم بالأخبار، وخلال هذه الفترة أيضا تعرف على فتى مشرد يدعى هانز غرانز مارس الجنس معه مقابل المال ثم توطدت علاقتهما وأصبح يعيش معه كعشيقه، ورغم أن هانز لم يشارك في قتل أي من ضحايا هارمن إلا انه كان على علم بالجرائم وكان يحتفظ لنفسه أحيانا بملابس الضحايا وأغراضهم الشخصية أو يقوم ببيعها في سوق الملابس المستعملة، كما كان له دور رئيسي في دفع هارمن إلى اقتراف جريمتي قتل لمجرد أن ملابس الضحايا أعجبته فأراد الاستيلاء عليها.

جميع الضحايا كانوا من الذكور. هارمن اعترف للمحققين بأنه شاذ جنسيا. كان يلتقط ضحاياه من محطة القطار، في الغالب كانوا فتيان هاربين من أهلهم أو فقراء باحثين عن عمل أو بعض من كانوا يعرضون أجسادهم مقابل المال، كان هارمن يعدهم بإيجاد عمل أو يغريهم بمأوى دافئ ووجبة حارة وأحيانا كان يوهمهم بأنه رجل شرطة يعمل متخفيا فيعتقلهم بحجج مختلفة ويصطحبهم إلى شقته حيث يعتدي عليهم جنسيا ويقتلهم.

في الحقيقة إن الجانب المرعب في جرائم هارمن لا يتمثل في عدد ضحاياه ولكن في الطريقة التي كان يقتلهم بها، طريقة شيطانية مرعبة لا تخطر على بال أي إنسان استحق هارمن بسببها لقب مصاص الدماء.

في لحظة ما أثناء الاعتداء كان هارمن يثبت ضحيته جيدا بيديه وقدميه ثم يطبق بأسنانه على منطقة العنق، كان يطبق فكيه بكل قوة حتى تخترق أنيابه الجلد وتنفذ إلى القصبة الهوائية للضحية ثم يستمر بالضغط حتى يقضم ويقتلع تفاحة آدم بأسنانه. عمليا كانت الطريقة تشبه طريقة قتل الحيوانات المفترسة لطرائدها، فقطع القصبة الهوائية يؤدي إلى النزيف والاختناق والموت. هارمن كان يبلغ أقصى درجات النشوة أثناء تدفق دماء ضحاياه الحارة إلى فمه أثناء تمزيقه لقصباتهم الهوائية، كان يتلذذ بشرب الدم ويكرع منه حتى يفارق الضحية الحياة.

بعد موت الضحية كان هارمن يبدأ بتقطيع الجثة، عملية بشعة وصفها هارمن للمحققين كالآتي :
"امدد الجثة على الأرضية ثم أضع قطعة قماش على الوجه لكي لا تنظر عيون الضحية إلي أثناء تقطيع الجسد. أقوم بعد ذلك بفتح البطن فاستخرج جميع الأحشاء وأضعها في الدلو. ثم أقوم بوضع منشفة في تجويف البطن أجمع الدماء بواسطتها حتى أخر قطرة. ثم اعمل ثلاثة جروح في صدر الجثة من جهة الأضلاع حتى الكتف واشد الأضلاع بقوة حتى تنكسر العظام حول الكتف. ثم أقوم بمزيد من القطع في هذه المنطقة حتى استطيع الوصول إلى القلب والرئة والكلى فأقوم بإخراجها واضعها في الدلو. بعدها افصل الأرجل والأيدي وأقوم بنزع اللحم عن العظام واضعه في الحقيبة على حدة. في العادة يستغرق التخلص من الأشلاء خمسة رحلات الى النهر.

بعد تنظيفي لتجويف البطن أقوم بقص العضو الذكري واقطعه إلى أجزاء صغيرة جدا. أنا اكره دائما القيام بهذه العملية لكني لا استطيع أن أقاوم الرغبة التي تدفعني للقتل والتي هي أقوى بكثير من الاشمئزاز الذي اشعر به أثناء تقطيع الجثث. آخر جزء في الجثة أتخلص منه هو الرأس، أقوم بمسكه والوجه نحو الأسفل حتى لا تراني العيون ثم أضع بعض خرق القماش في الإذن حتى لا يسمع الضحية صوت الضربات التي أوجهها إلى مؤخرة الجمجمة فاكسرها واستخرج الدماغ الذي ينتهي به المطاف مع بقية الأحشاء في الدلو".





الرجل كان مختل عقليا يغطي أعين الجثث حتى لا تراه ويضع خرقا في إذنها حتى لا تسمعه!!. أحيانا كان يذهب لمقابلة عائلات ضحاياه زاعما بأن لديه معلومات عنهم طمعا بجائزة مالية، وعند عودته كان يروي لهانز كيف انه كان يغالب ضحكاته وهو يستمع إلى تضرعات والدي الضحية وتوسلاتهما لمعرفة أي شيء عن ابنهما المفقود. والمصيبة أن مجنونا كهذا عمل مخبرا لدى الشرطة واستدرج العديد من ضحاياه بزعم انه شرطي، احدهم كان صبيا في الثالثة عشر من العمر خرج ليشتري خبزا فانتهى به المطاف في شقة هارمن ثم جثة ممزقة في قعر نهر لاينه.

كم هو عدد ضحايا فريتز هارمن ؟ لقد تمت محاكمته بسبعة وعشرين فقرة قتل وأدين بأربعة وعشرين منها، لكن
هناك من يعتقد بأن عدد ضحاياه يفوق العدد المعلن بكثير، فالشرطة ضبطت كمية كبيرة من الملابس والأغراض الشخصية في شقة هارمن لكنها لم تستطع تحديد هوية أصحاب هذه الأغراض إلا بنسبة الربع أما الباقي فلا يعلم من هم أصحابها وما هو مصيرهم، لذلك هناك من يعتقد بأن عدد الضحايا الحقيقي لا يقل عن 70 شخصا.



كارمن كان يتمتع بإفزاع الآخرين وهي خصلة رافقته منذ طفولته، حتى في أثناء التحقيق معه كان يجد متعة كبيرة في وصف طريقة قتله لضحاياه وتمزيق أجسادهم، كان يتمتع بنظرات الفزع والخوف والصدمة البادية على وجوه محققي الشرطة الذين لم يسمعوا طوال حياتهم بأجرام وجنون كهذا الذي كان هارمن يصفه. احيانا كان يقتل ضحيتين معا، كان يقتل احدهما ويتلذذ بملامح الرعب والخوف التي تطغي على وجه الضحية الثانية والذي بات يعلم نوعية المصير الأسود الذي ينتظره، كان يجد متعة كبرى في توسل وبكاء ضحاياه لأنه يشعره بأنه لا يقهر وبأنه أعلى مرتبة من البشر العاديين. يوما بعد أخر كان نهمه يزداد للحصول على ضحايا جدد حتى انه في الأشهر الأخيرة التي سبقت اعتقاله صار يقتل بمعدل ضحية لكل اسبوع. الوحيد الذي لم يقتله هارمن ولسبب مجهول هو كارل فروم الفتى الأخير والوحيد الذي خرج من شقته حيا.

لكن ماذا كان فريتز هارمن يفعل بلحم ضحاياه ؟ فالرجل كان يتاجر باللحم. كان يبيع لحما رخيصا أثناء الأزمة الاقتصادية التي ألمت بألمانيا بعد الحرب وكان له العديد من الزبائن، كان حينا يزعم بأنه شرائحه الدسمة هي لحم خنزير وتارة يقول أنها لحم خروف. بعض الزبائن كانوا راضين تماما عن بضاعة هارمن وقالوا بأن لحومه كانت لذيذة وسريعة الطبخ فيما كان رأي البعض الأخر مغايرا تماما حيث قالوا بأنهم أصيبوا بعسر هضم بعد تناول اللحم الغريب الطعم الذي كان هارمن يبيعهم إياه.




هارمن نفسه كان يتلذذ أحيانا بتناول شرائح من لحم ضحاياه، وعثرت الشرطة في منزله على لحم بشري مجفف.
هارمن وشريكه هانز نالا حكما بالإعدام بالمقصلة ولكن الحكم خفف على هانز لاحقا إلى السجن 12 عاما لأنه لم يثبت انه شارك في أي من الجرائم رغم علمه بها. والطريف هو أن هارمن طلب أن يتم إعدامه في أعياد الكريسماس وذلك لكي تذهب روحه إلى الجنة فيحتفل بالعيد هناك مع أمه!!.


في 25 نيسان / أبريل عام 1925 قطعت رأس فريتز هارمن بالمقصلة وقد احتفظ العلماء برأسه لكي يقوموا بدراسة دماغه وهي محفوظة اليوم في مدرسة غوتنغن الطبية.


 






ليلة الرعب في منزل عائلة ديفو .. قصة الجريمة التي روعت أمريكا

سكون عجيب يلف الحي و يمنح الناظر شعورا زائفا بالأمان , كل شيء بدا هادئا ذلك المساء لكنه كان هدوءا ‏كاذبا أشبه بذلك الذي يسبق العاصفة , لا احد يعلم على وجه الدقة ماذا جرى في تلك الليلة و لا كيف جرى , لكن ‏الأكيد و المتفق عليه هو أن عدة أرواح بريئة أزهقت ببشاعة و بدم بارد على يد اقرب الناس إليها في جريمة ‏غريبة حامت حولها الكثير من الأسئلة , هل تلبس الشيطان جسد القاتل حسب ادعائه ؟ هل ساعده شخص أخر في ‏تنفيذ جريمته ؟ هل المنزل مسكون بالجن حقا ؟ لا جواب و إنما المزيد و المزيد من علامات الاستفهام تتراكم ‏عاما بعد عام حتى أصبح اللغز أحجية عجز ابرع محققي العالم عن حله.‏
صوت شيطاني كان يدوي في رأسي .. أقتل .. أقتل .. أقتل



صورة تظهر افراد عائلة ديفو و يظهر فيها من جهة اليمين رونالد و الى جانبه دوان و في الاعلى يجلس كل من مارك و اليسون و جون و الى الاعلى صورة اخرى صغيرة تظهر افراد العائلة مع والديهما و الى اليمين صورة لبيت الرعب الذي حدثت الجريمة فيه





في مساء ليلة 13 تشرين الثاني / نوفمبر عام 1974 دخل شاب في العشرينيات من عمره مسرعا إلى إحدى حانات بلدة امتيفيل في نيويورك , بدا مضطربا و خائفا و سرعان ما توجهت جميع الأنظار إليه بعد أن ارتفع صوته صارخا : "يجب أن تساعدوني , اعتقد أن أبي و أمي قد قتلا رميا بالرصاص". لم تكن جرائم القتل أمرا شائعا في البلدة الهادئة الصغيرة لذلك أسرع بعض رواد البار مع الشاب إلى منزله لرؤية ما حدث هناك , لوهلة بدا كل شيء عاديا داخل المنزل , لم تكن هناك آثار لعنف أو دماء , لكن في إحدى غرف النوم في الطابق الثاني تمدد رونالد ديفو (43 عاما) و لويز ديفو (42 عاما) وسط بركة صغيرة من الدماء , كانا مستلقيان جنبا إلى جنب فوق فراشهما و بدا إنهما قتلا بغتة أثناء نومهما , و في غرفة أخرى في نفس الطابق تم اكتشاف جثتين أخريين , كانتا لصبيين هما مارك ديفو (12 عاما) و جون ديفو (9 اعوام) و يبدو إنهما قتلا بنفس الطريقة التي قتل فيها والديهما أي أثناء النوم , و في هذه الأثناء بدئت سيارات الشرطة تهرع نحو المنزل و سرعان ما انتشر المحققين و خبراء الأدلة الجنائية في أرجائه , و أثناء تفتيشهما لبقية الغرف اكتشفوا جثتين أخريين في غرفة أخرى , كانتا لفتاتين هما دوان ديفو (18 عاما) و اليسون ديفو (13 عما) و قد تم قتلهما أثناء النوم أيضا , لقد بدا جليا إن القاتل قام بقتل جميع أفراد عائلة ديفو باستثناء رونالد ديفو الصغير(23 عاما) الابن البكر و الذي كان هو أول من اكتشف الجريمة و هرع نحو الحانة القريبة طلبا للنجدة.





أثناء التحقيق الأولي اكتشفت الشرطة بأن القاتل استعمل مسدس كاليبر عيار 0.35 في قتل ضحاياه , و ان جميع الضحايا قتلوا أثناء النوم , الأب و الأم قتلا برصاصتين لكل منهما أما الأبناء فقد قتلوا برصاصة واحدة و الغريب إن جميع الجثث كانت مسجاة و وجهها نحو الأسفل , كان أول الأشخاص الذين حققت معهم الشرطة هو رونالد ديفو الابن الذي ادعى انه غادر المنزل في الساعة السادسة من صباح اليوم السابق لاكتشاف الجريمة و انه قضى نهاره في العمل بمعرض السيارات الذي يملكه والده ثم توجه عصرا إلى شقة صديقته و أمضى معها بعض الوقت , و خلال اليوم قال رونالد انه اتصل بمنزل والديه عدة مرات من دون أن يرد احد لذلك شعر بالقلق فتوجه نحو المنزل عند الساعة السادسة مساءا و قد طرق الباب عدة مرات لكن أحدا لم يرد عليه لذلك تسلل الى داخل المنزل عبر النافذة و توجه الى غرفة والديه ليصدم برؤية جثتيهما فهرع مسرعا إلى البار ليطلب المساعدة , و عندما سألته الشرطة حول ما إذا كان يتهم شخصا ما باقتراف الجريمة ادعى رونالد بأنه يشك في رجل عصابات اسمه لويس فليني كان قد تشاجر معه سابقا و هدده بتصفية جميع أفراد عائلته.




في اليومين اللاحقين لاكتشاف الجريمة أخذت الشرطة تحقق مع جيران و أصدقاء العائلة و بدئت تتكشف بعض الحقائق المثيرة , لقد عرفت الشرطة بأن رونالد ديفو الأب كان رجلا متسلطا و سريع الغضب و إن ابنه رونالد الصغير كان أسوء منه في رداءة الطباع و الأخلاق و أن علاقة الأب و الابن غالبا ما كانت تشوبها الكثير من المشاكل و قد حدثت بينهما الكثير من المشاجرات العنيفة , و لكن رغم هذه العلاقة السيئة فأن رونالد الأب الذي كان ميسور الحال لم يكن يبخل على ابنه بالمال , كما عرفت الشرطة بأن رونالد الابن كان مدمنا على المخدرات و قد وصفه بعض أصدقاءه بأنه شخص عنيف و سريع الغضب و انه يتاجر أحيانا في بيع و شراء الأسلحة النارية , هذه المعلومات حول رونالد الابن أثارت شكوك الشرطة حوله خاصة و أن التحقيق اظهر بجلاء بان الشخص الذي نفذ الجريمة كان يعرف منزل عائلة ديفو جيدا و انه تنقل بين غرف الضحايا من دون أن يثير أي شكوك حوله , ثم اكتشفت الشرطة شيئا أخر زاد من شكوكها , فأثناء تفتيشها لغرفة رونالد الابن في منزل والديه وجد احد المحققين صندوقين خشبيين من النوعية التي تستعمل لحفظ المسدسات , كان احد الصندوقين يعود لمسدس من عيار كاليبر 0.35 و هي نفس ماركة السلاح الذي استعمل في تنفيذ الجريمة , ثم أخيرا جاء تقرير تشريح جثث الضحايا ليحول شكوك الشرطة إلى اتهام , فقد ذكر التقرير بأن أفراد عائلة ديفو تم قتلهم بين الساعة الثانية و الرابعة بعد منتصف الليلة التي سبقت اكتشاف جثثهم , أي أن رونالد الابن كان موجودا في المنزل ساعة حدوث الجريمة لأنه كان قد اخبر الشرطة بأنه غادر المنزل في الساعة السادسة من صباح ليلة الجريمة.




سرعان ما ألقت الشرطة القبض على رونالد ديفو الابن بتهمة قتل أفراد عائلته , في البداية أنكر جميع التهم الموجهة إليه و ادعى البراءة , لكن عندما حاصره رجال الشرطة بالأسئلة و بعد أن واجهوه بالتناقض الكبير في أقواله , أخفى رونالد ديفو الابن رأسه بين يديه ثم أردف قائلا بيأس : "لقد حدث كل شيء بسرعة , عندما بدئت لم استطع التوقف , لقد حدث كل شيء بسرعة" , ثم اعترف للشرطة عن الكيفية التي نفذ بها جريمته حيث زعم بأنه أطلق النار أولا على والده في مؤخرته و عندما قام فزعا و حاول مهاجمته عاجله بطلقة أخرى في رأسه و أثناء ذلك استيقظت والدته و أخذت تصرخ و تتوسل فعاجلها بطلقة في صدرها ثم أردفها بأخرى في رأسها , ثم انتقل إلى غرفة شقيقيه فأطلق طلقة واحدة على رأس كل منهما و أخيرا ذهب إلى غرفة شقيقتيه و قتلهما بنفس الطريقة , ثم نزل إلى الطابق السفلي و استحم و بعدها ترك المنزل و اخذ معه ملابسه الملطخة بالدماء و سلاح الجريمة من اجل إخفائهما.




في 14 تشرين الأول / أكتوبر عام 1975 بدئت محاكمة رونالد ديفو , و قد حاول فريق الدفاع إقناع هيئة المحلفين بأنه يعاني من الجنون و انه اقترف جريمته بدون وعي و إدراك , و زعم رونالد أثناء شهادته في المحكمة بأنه اقترف جريمته تحت تأثير صوت شيطاني استحوذ على تفكيره و كان يدوي في رأسه قائلا : "اقتل .. اقتل .. اقتل" , لكن حجة الجنون لم تقنع هيئة المحلفين الذين اجمعوا في قرارهم على أن رونالد ديفو الابن مذنب بقتل جميع أفراد عائلته و قد حكم عليه القاضي بالسجن لمدة 150 عاما بواقع 25 عام لكل جريمة على حدة.





رغم إدانة رونالد ديفو و سجنه إلا إن اغلب الناس لم يكونوا مقتنعين بروايته حول طريقة قتله لأفراد عائلته , و كذلك كان هناك العديد من رجال الشرطة ممن نظروا بعين الشك نحو حيثيات القضية التي أدين بموجبها رونالد في المحكمة , كانت المسألة المحيرة في نظر الكثيرين هي الكيفية التي استطاع رونالد ديفو بواسطتها من قتل ستة أشخاص بمفرده و باستعمال مسدس غير مزود بكاتم صوت , كيف لم يسمع احد صوت الطلقات ؟ كان المفروض أن يستيقظ بقية أفراد العائلة منذ الطلقة الأولى التي أطلقها رونالد نحو والده , و حتى على فرض أنهم لم يسمعوا الصوت في الغرف الأخرى , لكن كيف قام بقتل شقيقيه النائمين معا في غرفة واحدة من دون أن يستيقظ احدهما و نفس الأمر بالنسبة لشقيقتيه , العجيب بأنه لم تكن هناك آثار للمقاومة و ان جميع الجثث كانت مسجاة و وجهها نحو الأسفل , هل يعقل أن احدهم لم يرفع رأسه ليرى ماذا يجري , هل يعقل بأن لا يستيقظ أي احد منهم على صوت مسدس يطلق داخل غرفته ؟ هذه الأسئلة جعلت الكثيرين يصرون بأن رونالد ديفو الابن لم يقترف جريمته لوحده و أن هناك شخصا أو أشخاص آخرين ساعدوه في تنفيذها , و من الأمور الأخرى التي عجز العديد ممن اطلعوا على وقائع الجريمة من فهمها هي لماذا قام رونالد بقتل جميع أفراد أسرته , الجميع كان يعلم بأن علاقة رونالد ديفو الابن بوالده كانت سيئة و أنهما طالما تشاجرا معا لذلك لم يكن أمرا مستبعدا بأن يقوم الابن بقتل أبيه لكن لماذا قتل بقية أفراد العائلة ؟ ربما قتل والدته لأنها كانت في نفس الغرفة لكن ما الذي دفعه لقتل أشقائه و شقيقاته ؟ هذا هو اللغز الذي بقي بدون جواب حتى اليوم.




خلال السنوات التالية لأدانته جرت عدة مقابلات صحفية مع رونالد ديفو في سجنه و قد روى خلالها قصصا و روايات متناقضة لما حدث , زعم في احدها بأن والدته هي من أطلقت النار أولا على والده بسبب مشاجرة حدثت بينهما و انه قام تحت تأثير الغضب بقتلها و قتل بقية أفراد العائلة , و في رواية أخرى ادعى بأنه اقترف جريمته دفاعا عن النفس لأن عائلته كانت تريد قتله , و في مقابلة صحفية أجريت معه في الثمانينات زعم رونالد بأنه اقترف الجريمة بمساعدة أخته دوان و صديقين لم يكشف عن اسمهما , و في روايته هذه زعم رونالد بان علاقة دوان بوالدهم كانت سيئة لأنه كان يضيق عليها و يمنعها من الخروج مع صديقها لذلك تحمست معه من اجل قتله , و انه قام بمساعدة صديقيه بقتل والديه و قامت دوان بدون علمه بقتل شقيقيه و شقيقته لكي لا يشهدا ضدهما فيما بعد مما أثار غضبه و جعله يتشاجر معها في غرفتها و قام بضربها بقوة فوقعت على فراشها مغشيا عليها فقام بإطلاق النار على رأسها , الغريب أن تقرير مختبر الأدلة الجنائية اثبت بشكل لا يقبل اللبس وجود آثار للبارود على الملابس التي كانت دوان ترتديها ليلة مقتلها مما جعل بعض محققي الشرطة يرجحون صدق هذه الرواية إلا إن اعترافات و إدانة رونالد في المحكمة أغلقت الباب أمام المزيد من التحقيقات في القضية.




غموض جريمة عائلة ديفو لم يتوقف عند أسرار ما حدث في ليلة ارتكاب الجريمة بل تعداها الى منزل العائلة نفسه , فالعائلة التي اشترت المنزل في عام 1976 اعتقدت بشدة بأنه مسكون بالجن و ان أحداث و أمور غريبة تجري داخله و لم تلبث ان فرت منه و تركته خلال فترة لم تتجاوز الثمانية و العشرون يوما , و هناك أشخاص آخرين اعتقدوا بأن المنزل مسكون بشبح احد زعماء الهنود الحمر الذين مات و دفن بالقرب من البقعة التي يقوم عليها المنزل منذ زمن بعيد , و هناك قصص و روايات أخرى زعمت بعضها وجود علاقة جنسية محرمة بين رونالد و شقيقته دوان و أنهما قاما بقتل والديهما بسبب اكتشافهما لعلاقتهما و اعتراضهما الشديد على ذلك , و قد ساهمت الكتب و الأفلام السينمائية التي دارت حول جريمة عائلة ديفو في إضفاء المزيد من الغموض و الخيال على القضية , لكن رغم جميع ما قيل و كتب حول الجريمة يبدو ان أحدا باستثناء الله لن يعلم على وجه الدقة ماذا جرى في تلك الليلة المشؤمة.


ملاحظة : هذه القصة حقيقية و هناك الكثير من أفلام الرعب حولها و قد تحول منزل عائلة ديفو بمرور الزمن إلى إحدى أشهر إيقونات الرعب في العالم , لمزيد من المعلومات عن أحداث هذه القصة ما عليك سوى كتابة (The Amityville Horror ) أو (Ronald DeFeo ) في أي محرك بحث.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق