السبت، 5 نوفمبر 2011

No Country For Old Men أكبر الخسائر تلحق بك من إلقاء عمله

You can’t stop what’s coming
الأختيار ! ….. تستطيع أن تشعر من وقع هذه الكلمه ان لك سلطه علي شئ – من البديهي أنه لا سلطة لك عليه – ألا و هو القدر و المصير الخاص بك …. فإن كانت الحياه طريقين كل طريق يحمل مصير مختلف عن الآخر فكم من الجيد أنه علي الأقل كان لك حرية إختيار هذا الطريق الذي تسير فيه إلي مصير غير معلوم .. لا تعلم ما الذي ستفقده و ما هو المقابل الذي ستضحى به نتيجة لإختيارك هذا .. و لكن تظل ترسم إبتسامه تهكميه صغيره أنك في المقام الأول .. كنت صاحب هذا الأختيار .
No Country for Old Men الفجوه بين القدر و الفرصه
=======================================

لو أن القدر و المصير الخاص بك هو وجه لعمله و الفرصه التي تحلم بها لتغيير هذا المصير هي وجه اّخر لنفس العمله …… ألا يستحق الأمر أن تغامر بإلقاء هذه العمله و إختيار مصيرك الخاص عن طريق تخمين خيار من أثنين ( ملك أو كتابه !! ) … و إن كان الحظ السعيد لا يأتي غير بشبح يغيم عليه بظل أسود .. و إن كان تخمينك لهذه العمله سيربحك ( كل شئ ) أو سيأخذ منك ( كل شئ ) … ألا تستطيع أن تشعر بالفجوه السوداء بين القدر كوجه لعملة و الفرصه كوجه اّخر لها !

نعم هذه الفجوه المظلمه موجوده بالفعل و ليست خيالات .. يمكنك أن تسميها الشر و يمكنك أن تسميها اللا إنسانيه …. و لكنني سأسميها “سيجورا” ! …… “سيجورا” ليس الموت و ليس شبحا و لا حتى الطاعون و لكن هو شخص يعيش بيننا لهدف واحد … إلقاء العمله و إرشادك إلي المصير الناتج عن إختيارك .
No Country for Old Men الحظ السعيد و إغتنام الفرصه
=======================================

صحراء “تكساس” الحارقه و وسط اللاشئ .. مجرد سراب علي إمتداد البصر و لكن هذا لم يمنع الحظ أن يطرق باب صياد يدعى “ليوويلن موس” كان يجوب الصحراء ليبحث عن غنيمة الصيد و لكن ما وجده هو الفرصه المحرمه التي لو أغتنمها لنال كل ما يريد .. ثم سريعا يفقده كل شئ !… هي ليست التفاحه التي أخرجت “اّدم” من الجنه ! و لكن لو أن “ليوويلن” يعلم كم أن حياته ستتحول إلي جحيم لأغتنامه هذه الفرصه .. لكان أصبح علي ثقه أن حياته قبل هذا الأختيار هي الجنه !
عندما تأتي الفرصه ممزوجه بين الحظ السعيد و شبح الموت فهي تتمثل في بضعة جثث ملقاه و الدماء أزالت عنها ملامحها , سياره ممتلأه بحموله من المخدرات و حقيبه تحوي بداخلها 2 مليون دولار ! ….. هل تغتنم هذه الفرصه يا “ليوويلن” لتغير مصيرك ! أم تترك هذا الشر خلفك و تتجنب شبح الموت ! ……. العمله تم إلقاءها …. حان وقت الأختيار !

بالطبع يختار “ليوويلن” أن يواجه الشر و أنه مستعد بالتضحيه بأي شئ لإغتنام الفرصه السعيده ! … و بدأت المطارده بينه و بين الشبح , القاتل , الطاعون …. “سيجورا” .
فإن “سيجورا” قد تم تكليفه بإستعادة هذه الأموال و المخدرات و لكن بمبادئه الخاصه حيث أنه لا يمكنك أن ترى “سيجورا” إلا و أنت علي إستعداد تام للموت .. هو يعمل بمفرده فلا يحتاج إلي من يساعده في قبض الأرواح ! .. و هو لا يعمل لصالح أحد فحتي من يقوم بتعيين “سيجورا” يحمل بداخله نفس الرهبه التي تسكن قلب ضحاياه .

No Country for Old Men لا مكان للأبطال
====================================
المطارده بدأت و يبدو أن ذكرى مذبحة “تكساس” الشهيره ترسم ملامحها علي هذه الحادثه … “ليوويلن” , “سيجورا” , العصابه المكسيكيه و الكثير من الضحايا الذين يتواجدون في الوقت و المكان الخاطئ … ربما تحتاج هذه المطارده إلي البطل الذي يقوم لإحلال الحق و تحقيق العداله … و لكن هذا ليس الزمان أو المكان للأبطال ! أو علي الأقل هذا ما يراه الشريف “إد توم بيل” .

“قديما لم يتوجب علي رجل القانون أن يحمل سلاحا” … هكذا يقول “إد” و هو يحزن على الواقع الذي اّلت إليه الأمور الآن .. فإن رجل القانون كان يواجه الجرائم التي يستطيع بكل سهوله أن يتعرف علي الشر المسبب لها .. و لكن لا أحد يريد ان يموت في مواجهة شئ لم يدرك أبدا هويته أو معناه .
الآن يواجه “إد توم بيل” مجموعه من الجرائم الغامضه بسبب مطارده بين الطاعون “سيجورا” , عصابة مخدرات مكسيكيه و رجل سئ الحظ يظن أنه وجد فرصة العمر و لا يستطيع أن يرى الجحيم خلفها يدعى “ليوويلن” … و لكن هذا هو أخر ما يريد “إد” مواجهته خاصة أنه يفكر جديا في التقاعد حيث أنه علي علم أنه في زمن لا يطبق فيه العداله و النظام .. فإنه لا مكان للأبطال … “إد” ! .. العمله تم إلقاءها .. و المصير ينتظر كلمتك .. ما هو إختيارك !
No Country for Old Men محاكمة الحاضر بنظره إلى الماضي
================================================

الكاتب الأمريكي “كورماك ماكارثي”
مقتبسه عن رواية صدرت عام 2005 تحمل نفس الأسم للكاتب الأمريكي Cormac McCarthy .. تدور أحداث فيلم No Country for Old Men في الثمانينات حول المطارده بين صياد يجد مخدرات و حقيبة أموال خاصه بها , قاتل مهووس تم تأجيره ليسترد الأموال و الشرطي الذي عليه أن يطبق العداله , كل هذا وسط صحراء “تكساس” الحاره و علي الحدود بين الولايات المتحده و المكسيك .
الأكثر براعه في الفيلم و الروايه هو الإهتمام بالتفاصيل و الملامح المكونه لكل شخصيه .. فنجد “ليوويلن موس” الصياد الذي يعيش حياه أقل من المتوسطه مع زوجته “كارلا جين” و يبحث عن فرصه للخروج من هذه الحياه البائسه إلي حياة الرفاهيه .
القاتل المأجور “سيجورا” الذي يشبه أشباح الموت حيث يرتدي الأسود دائما و يتمتع بصوت غليظ و يسير في خطوات صغيره تصدر صوتا مميزا علي الأرض .. يحمل سلاح من نوع ّخر حيث انه يستخدم انبوبة أوكسجين مزوده بجهاز تحكم يطلق به طلقه هوائيه مضغوطه فتكون أكثر فتكا من الرصاص و في نفس الوقت لا تترك أثرا فلا يمكن للشرطه معرفة نوع السلاح المستخدم .
الشرطي “إد توم بيل” الذي نجد في عينيه و تعبيرات وجهه اليأس و الإستسلام من حياة أصبح ليس بسهوله تطبيق العداله و القانون بها بل أن الجريمه تحدث في أي وقت و أي مكان و يسقط بسببها عشرات الضحايا بدون أن يتم الوصول إلي القاتل .
إلقاء العمله … و هي ليست أي عمله فهي تحمل علي كل وجه الحياه أو الموت و الفرصه و القدر فإن الإختيار هو العامل المشترك بين جميع الشخصيات في القصه .. حيث أنه هو الذي يوضح الدافع خلف تصرفات كل منهم و من على إستعداد أن يبقى علي الحياه بعد إنتهاء المطارده و من منهم إستسلم للموت .
No Country for Old Men و الأخوان “كوهين”
======================================

علي أولا الإشاره أن تجربتي الوحيده مع الأخوان “كوهين” كانت فيلم Fargo و صراحة الفيلم أصابني بإحباط شديد و لم أستطيع الوصول إلي أي درجه من الأستمتاع بالفيلم ! و رغم المراجعات التي قرائتها و الأراء التي شاهدتها حول مدى الواقعيه في تنفيذ الفيلم … إلا أنني لم أشعر أبدا بصحة أي من هذه الأراء !!
و لكن ربما أنني لم أدرك بعد ما هو الأسلوب المفضل و المتبع من الأخوان “كوهين” … و أثناء مشاهدتي لـ No Country for Old Men لم أستطع ان أقاوم وضع الفيلمين في مقارنه و منها وجدت .
لازال الأخوان “كوهين” يفضلون الأحداث التي تدور في مكان ناء و بعيد بحيث يظهر الأنسان بتقاليد و أفكار معينه تم تداولها من جيل لآخر و لم يتم الأختلاط بالتطور المستمر في المجتمع .
الآن لمست الواقعيه في تقديم الفيلم بداية من نزع عامل الموسيقى التصويريه ( فإن الحياه الواقعيه لا تحمل موسيقى تصويريه !! ) .. إختيار زوايا تصوير تعتمد بشكل كامل علي تصرفات الممثل و تعبيرات وجهه و النظره في عينيه .. فأنه لا يوجد سابق إنذار متى ستطلق الرصاصه التاليه .. متي ترتسم إبتسامه على الوجه و متى تخرج من العين نظرة القلق و الرهبه ( علي وجه “موس” ) , الغضب و الآلم ( علي وجه “سيجورا” ) و اليأس و الإستسلام ( علي وجه “توم بيل” ) .
إختيار زوايا تصوير لمساحات واسعه لكي تشعر بحرارة الرمال , ضوء الشمس الحارق و سراب شبح الموت يقترب منك .. كما أن الأضاءه جاءت بإهتمام متقن في بعض المشاهد مثل مشاهد المطاردات بين غرف الفنادق و مشهد لقاء “ٍسيجورا” بزوجة “موس” .
أعتقد بعد مشاهدتي لـ No Country for Old Men أنني سأفكر جديا في مشاهدة Fargo من زاويه اّخرى حيث أنني بدأت ألمس بعض الشئ أسلوب الأخوان “كوهين” في تقديم السينما بشكل واقعي 100% .
No Country for Old Men و فريق العمل
=================================
بين الأخراج المتميز و السيناريو البسيط في الكلمات و رائع في التعبير , نجد قيادة الأخوان “كوهين” لمجموعه من أفضل الممثلين الذي يستحق كل منهم ترشيحا إلي العشرات من الجوائز .
Javier Bardem في دور “سيجورا” : أعتقد أن هذا الدور يحمل كلمة “أوسكار” في كل مشهد و في كل لقطه بسيطه مهما كانت .. فهذا الممثل الأسباني الذي نال ترشيح للأوسكار في عام 2000 عن تجسيده لدور الشاعر الكوبي الجنسيه “رينالدو أريناس” في فيلم Before Night Falls إستطاع أن يقدمه الأخوان “كوهين” في دور لا مفر أن لا يسكن بك الرعب و الرهبه … أعتقد أنني لم أشعر بمثل هذا النوع من الرهبه منذ أن شاهدت “أنتوني هوبكينز” في دور الدكتور “هانيبال ليكتر” في “صمت الحملان” .

الأهتمام بأقل تفصيل للشخصيه .. النظره المخيفه للعينان فتشعر أن الموت يسكنهما مثل عيني القرش أو يسكنهما المكر مثل عيني التمساح ! … صوت غليظ بحيث تخرج كل كلمه منه كإنها امر بالتعذيب .. الخطوات الصغيره و التي تطرق الأرض بقوه و الأسلحه المدمره التي تذكرنا بأفلام مثل ثلاثية “المارياتشي” و سلسلة Terminator !
حقيقة كم أشفق علي كل من سيتم ترشيحه هذا العام في ضمن فئة “أحسن ممثل مساعد” أمام “خافير باردم” الذي أستعجب ان لا يحصد كل الجوائز التي يتم ترشيحه إليها عن هذا الدور الأسطوري .
Josh Brolin في دور “ليوويلن موس” : أعجبني دوره في فيلم Planet Terror للمخرج “روبرت رودريجيز” و لكن هنا يقدم شئ مختلف تماما .. أكثر عمقا و أكثر إبداعا و أكثر مصداقيه فإن هذه ليست سينما الجرايند هاوس ! بل سينما الأخوان “كوهين” للواقعيه … أعتبر دوره جيد جدا .. ربما لا يكون متميزا و لكن لا أحد ينكر إستحقاقه لنيل العديد من الترشيحات و يكفيني له مشاهد المطاردات في غرف الفنادق بينه و بين “خافير باردم” .
Tommy Lee Jones في دور “إد توم بيل” : لا أحد يمكنه أن يمل من مشاهدة “تومي لي جونز” في دور رجل القانون الذي يريد أن يطبق العداله … فبالطبع الممثل الكبير نال جائزة الأوسكار عن دوره كشرطي يطارد هارب من العداله في فيلم The Fugitive عام 93 و لذلك فإن هذا الدور هو ما نريد دائما ان نشاهد “تومي لي” يقدمه … الشرطي الصلب و الشجاع و الذي يحمل معنى كلمة البطوله في كل فعل يصدر منه … و لكن ليس هذا ما يقدمه لنا الأخوان “كوهين” … بل نشاهد “تومي لي” هذه المره كرجل القانون الذي أصابه اليأس من الجتمع و من الجرائم … علي ملامح وجهه سنوات من محاربة الشر بحيث ان ليس لديه أي دافع أو حافز يدعوه لكي يشهر سلاحه في وجه القاتل مرة اّخرى ! … يستعد قريبا للتقاعد و يعلن هزيمة الخير في مواجهة الشر ! …… دور رائع من “تومي لي” و لازال أخر مشهد في الفيلم له عالق بذاكرتي .
بالأضافه للدور الذي قدمه كل من Woody Harrelson و Kelly Macdonald أعتقد أنه ليس فقط سيحتل No Country for Old Men مركزا متقدما في قائمة أفضل مشاهداتي بل أنني سابدأ في إعادة النظر للأفلام التي قدمها و يقدمها الأخوان “كوهين” .
تقييـــمـــات
=============

IMDB: 8.9/10 Top 250: #14
RT: 8.6/10
التقييم الشخصي : 8,5/10

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق