الأحد، 7 أغسطس 2016

ســــــــــــت المــــــــــلك




وهي اميرة فاطمية اسمها (فاطمة)، وهي تعد الابنة الكبرى للخليفة الفاطمي (العزيز بالله)، وبذلك تكون هي الاخت الكبرى للخليفة (الحاكم بأمر الله)، حيث كانت أكبر منه بنحو (16) عاماً، وبذلك تكون ايضا عمة للخليفة (الظاهر لإعزاز دين الله).

ولدت "ست الملك" في المغرب عام (359 هـ)، لجارية رومية مسيحية اسمها (تغريد) والملقبة بالست (العزيزية) والتي كانت تجمع بين الجمال الفائق وقوة الشخصية، مما دفع (العزيز بالله) باتخاذها (ام ولد) فأنجبت له بنتا وهي "ست الملك" وابنا وهو "المنصور" والذي لقب بـ (الحاكم بأمر الله).

ولقد وفدت "ست الملك" مع أبيها الامير آنذاك في ركب جدها الخليفة (المعز لدين الله) عام (362 هـ).

وقد تمتعت "ست الملك" بمكانه عالية لدى ابيها فأحطها بكل أسباب الترف، حتى إنه بنى لها القصر الغربي لتعيش فيه بمفردها، يخدمها فيه (4000) جارية، كما كانت لها طائفتان من الجند تقوم بحراستها، هذا فضلا عن عدة دواوين خاصة بها، وكان لها كاتب وعدة موظفين، واقطاعات تدر لها كل عام مبلغا كبيرا من المال، هذا غير جواهر وقماش وتحف لا تعد ولا تحصى.

كانت "ست الملك" ذات شخصية متميزة لما كانت تمتع به من العقل والحزم وحسن السياسة، وكان والدها يحبها ويؤثرها ويسمع اليها ويعمل بنصائحها، فنالت بذلك مكان مرموق ونفوذا واسعا طوال عهد ابيها، ولعل عدم زواجها اعطاها الفرصة في ان تكرس حياتها لمصلحة الدولة.

في عام (385 هـ) توفي (العزيز بالله) فخلفه ولده (الحاكم بأمر الله) والذي كان صغيراً لم يبلغ الـ (11) من عمره، وفي بداية عهد اخيها حرصت "ست الملك "على تقديم النصح اليه وقامت بدور كبير في تدبير شؤون الدولة وتوجيهها.

ومع تطور الاحداث ومرور السنين حدث تغير في العلاقة بينها وبين اخيها فقد انفرد في السلطة واندفع في تيار العنف والاسراف في القتل واصدار الاحكام والقوانين المتناقضة، فكانت تعرضه وتنهاه وتسدي اليه النصح وتحذره من العواقب فكان يغضب لتدخلها ويردها بغليظ القول واللوم ويحاول ابعادها ويمنعها في التدخل في شؤون الحكم.

كانت "ست الملك" تراقب تطور الاحداث في جزع وخوف شديد وتخشى ان تتطور الامور الى حد العاصفة وقيام ثورة ضد اخيها، فيقع على عاتقها حمل عرش الخلافة ومستقبل الاسرة الفاطمية كلها، وكان اخيها يرفض وبشدة ما توجهه اليه اخته من نقد شديد من سوء تصرفه ومسلكه في البلاد، وسرعان ما قام اخيها بتشديد مراقبتها ثم الحجر عليها بعدما ان اتهمها بشرفها.

وفي يوم من الايام وبعد ربع قرن من حكمه، خرج (الحاكم بأمر الله) ليلة (الاثنين: 27 / شوال / 411 هـ) كعادته للطواف بجبل المقطم حيث كان شغوفاً برصد النجوم هناك، فركب حماره الأشهب واصطحب اثنين من خدمه متوغلاً في شعاب الجبل باتجاه ناحية الجنوب، فصرف الخدم وبعدها انقطعت كل صلة له بالحياة، وغاب عن مسرح الأحداث نهائيا، ويقال ان "ست الملك" هي من دبرت قصة اختفاء اخيها، وذلك للتغطية على امر قتلها له بمساعدة أحد اعوانها.

وعلي أثر ذلك قامت "ست الملك" بتنصيب ابن أخيها (الظاهر لإعزاز دين الله) ليتولى الخلافة بدلاً من أبيه، وذلك يوم (10 / ذي الحجة / 411 هـ) وهو لم يزل فتي على أعتاب الـ (17) من عمره.

ولقد استطاع الخليفة الصغير بوحي من عمته بإصلاح الأمور التي فعلها ابيه في فترة حكمه، فألغى الكثير من المراسيم التي أصدرها ابيه، وبذلك حافظت "ست الملك "على توطيد أركان الدولة بذكاء وفطنة ودهاء، واستمرت تدبر شؤون الدولة وتدير أمورها حتى وافتها المنية في عام (414 هـ) وهي في الـ (55) من عمرها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق